الأقوال في وقت فرضه، ولكن الأرجح أنه فرض سنة ست كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- أو لكونه لم يكن لهم سبيل إليه من أجل كفّار مضر، أو لكونه على التراخي، أو لشهرته عندهم، أو أنه أخبرهم ببعض الأوامر.
ثم عطف المؤلف على قوله: وأمرهم قوله: (ونهاهم عن أربع عن الحنتم) أي عن الانتباذ فيه وهو بفتح المهملة وسكون النون وفتح المثناة الفوقية وهي الجرة أو الجرار الخضر أو الحمر أعناقها على جنوبها أو متخذة من طين وشعر ودم، أو الحنتم ما طلي من الفخار بالحنتم المعمول بالزجاج وغيره وسقطت عن الثانية لكريمة (و) عن الانتباذ في (الدباء) بضم المهملة وتشديد الموحدة والمد اليقطين (و) عن الانتباذ في (النقير) بفتح النون وكسر القاف، وهو ما ينقر في أصل النخلة فيوعى فيه (و) عن الانتباذ في (المزفت) بالزاي والفاء ما طلي بالزفت (وربما قال المقير) بالقاف والمثناة التحتية المشدّدة المفتوحة وهو ما طلي بالقار ويقال له القير، وهو نبت يحرق إذا يبس تطلى به السفن وغيرها
كما تطلى بالزفت. (وقال احفظوهن وأخبروا بهن) بفتح الهمزة (من وراءكم) أي الدين كانوا أو استقروا، ومعنى النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية بخصوصها لأنه يسرع إليها الإسكار، فربما شرب منها من لم يشعر بذلك ثم ثبتت الرخصة في الانتباذ في كل وعاء مع النهي عن شرب كل مسكر، ففي صحيح مسلم:"كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في الأسقية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا" وفي الحديث استعانة العالم في تفهيم الحاضرين والفهم عنهم، واستحباب قول مرحبًا ْللزوار وندب العالم إلى إكرام الفاضل، ورواته ما بين بغدادي وواسطي وبصري، واشتمل على التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلف في عشرة مواضع هنا وفي خبر الواحد وكتاب العلم وفي الصلاة وفي الزكاة وفي الخمس وفي مناقب قريش وفي المغازي وفي الأدب وفي التوحيد، وأخرجه مسلم في الإيمان وفي الأشربة، وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح، والنسائي في العلم والإيمان والصلاة.
(باب ما جاء) في الحديث (أن الأعمال) بفتح همزة أن وكسرها في اليونينية ولكريمة إن العمل (بالنية والحسبة) بكسر الحاء وإسكان السين المهملتين أي الاحتساب وهو الإخلاص. (ولكل امرىءٍ ما نوى) ولفظ الحسبة من حديث أبي مسعود الآتي -إن شاء الله تعالى- وأدخلها بين الجملتين للتنبيه على أن التبويب شامل لثلاث تراجم الأعمال بالنيّة والحسبة ولكل امرىءٍ ما نوى. وفي رواية ابن عساكر قال أبو عبد الله البخاري: وفي رواية الباقي بحذف قال أبو عبد الله وإذا كان الأعمال بالنية (فدخل فيه) أي في الكلام المتقدم (الإيمان) أي على رأيه لأنه عنده عمل كما مرّ البحث فيه، وأما الإيمان بمعنى التصديق فلا يحتاج إلى نية كسائر أعمال القلوب، (و) كذا (الوضوء) خلافًا للحنفية لأنه عندهم من الوسائل لا عبادة مستقلة، وبأنه عليه الصلاة والسلام علم الأعرابي الجاهل الوضوء ولم يعلمه النيّة، ولو كانت فريضة لعلمه ونوقضوا بالتيمم فإنه وسيلة وشرطوا فيه النية، وأجابوا بأنه طهارة ضعيفة فيحتاج لتقويتها بالنية وبأن قياسه على التيمم غير مستقيم لأن الماء خلق مطهرًا. قال الله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان: ٤٨]. والتراب ليس كذلك، وكان التطهير به تعبدًا محضًا فاحتاج إلى النية إذ التيمم ينبئ لغة عن القصد فلا يتحقق دونه بخلاف الوضوء ففسد قياسه على التيمم، (و) كذا (الصلاة) من غير خلاف أنها لا تصح إلا بالنية. نعم نازع ابن القيم في استحباب التلفّظ بها محتجًّا بأنه لم يروَ أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلفظ بها ولا عن أحد من أصحابه. وأجيب بأنه عون على استحضار النية القلبية وعبادة للسان وقاسه بعضهم على ما في الصحيح من حديث أنس أنه
كما يثبت باللفظ يثبت بالقياس وتجب مقارنة النية لتكبيرة الإحرام لأنها أول الأركان، وذلك بأن يأتي بها عند أولها ويستمر ذاكرًا لها إلى آخرها. واختار النووي في شرحي