وأصله تتكنوا فحذفت إحدى التاءين (بكنيتي) ولأبي ذر عن الكشميهني بكنوتي بالواو (ومن رآني) أي رأى مثال صورتي (في المنام فقد رآني) قال في شرح المشكاة: الشرط والجزاء اتحدا فدل على التناهي في المبالغة أي من رآني فقد رأى حقيقتي على كمالها لا شبهة ولا ارتياب فيما رأى. وقال غيره: فقد رآني ليس بجزاء الشرط حقيقة بل لازمه نحو: فليستبشر فإنه قد رآني والحق أن ما يراه مثال حقيقة روحه المقدسة التي هي محل النبوّة وما يراه من الشكل ليس هو روح النبي ﷺ ولا شخصه بل هو مثال له على التحقيق (فإن الشيطان لا يتمثل) لا يتصوّر (صورتي) هذا كالتتميم للمعنى والتعليل للحكم، ولأبي ذر عن الكشميهني في صورتي.
وبقية المباحث المتعلقة بهذا تأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته في كتاب التعبير: وقوله: ومن رآني الخ حديث آخر جمعه مع سابقه ولاحقه بالإسناد السابق (ومن) ولأبي ذر فمن بالفاء بدل الواو (كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده) أي فليتخذ موضعًا لمقامه (من النار) وتقدّم في كتاب العلم شيء من مباحثه والله الموفق.
٦١٩٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ: وُلِدَ لِى غُلَامٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ ﷺ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إِلَىَّ. وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِى مُوسَى.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن العلاء) بن دكين أبو كريب الهمداني الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء وبعد التحتية الساكنة دال
مهملة (ابن أبي بردة عن) جدّه (أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر وقيل الحارث (عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ﵁ أنه (قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي ﷺ فسماه إبراهيم فحنكه) أي دلك سقف فمه (بتمرة) بعد أن مضغها عقب تسميته إبراهيم كاسم خليل الله (ودعا له بالبركة ودفعه إليّ) بتشديد التحتية (وكان) إبراهيم هذا (أكبر ولد أبي موسى) قال في الفتح: وهذا يشعر بأن أبا موسى كني قبل أن يولد له وإلاّ فلو كان الأمر على ذلك لكني بابنه إبراهيم المذكور ولم ينقل أنه كان يكنى أبا إبراهيم، والحديث مرّ في العقيقة.
٦١٩٩ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ. رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا زائدة حدّثنا زياد بن علاقة) بكسر العين المهملة وتخفيف اللام وبالقاف الثعلبي قال: (سمعت المغيرة بن شعبة) الثقفي شهد الحديبية وولي الكوفة غير مرة ﵁ (قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم) ابن النبي ﷺ سنة عشر كما جزم به الواقدي وقال: يوم الثلاثاء لعشر خلون من ربيع الأول (رواه) أي هذا الحديث (أبو بكرة) نفيع (عن النبي-ﷺ) فيما سبق موصولاً في الكسوف لكن ليس فيه يوم مات إبراهيم، وفي هذه الأحاديث جواز التسمية بأسماء الأنبياء، وقد ثبت عن سعيد بن المسيب أنه قال: أحب الأسماء إلى الله تعالى أسماء الأنبياء.
١١٠ - باب تَسْمِيَةِ الْوَلِيدِ
(باب) حكم (تسمية الوليد) بفتح الواو وكسر اللام بعدها تحتية ساكنة فدال مهملة.
٦٢٠٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا رَفَعَ النَّبِىُّ ﷺ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِى يُوسُفَ».
وبه قال: (أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا (أبو نعيم الفضل بن دكين) سقط لأبي ذر الفضل بن دكين قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سعيد) أي ابن المسيب (عن أبي هريرة) ﵁ أنه (قال: لما) بتشديد الميم (رفع النبي ﷺ رأسه من الركعة قال) بعد قوله سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد:
(اللهم أنج الوليد) بقطع همزة أنج مفتوحة مجزوم بالطلب وكسر للساكنين (ابن الوليد) بن المغيرة المخزومي (و) أنج (سلمة بن هشام) أخا أبي جهل بن هشام (و) أنج (عياش بن أبي ربيعة) أخا أبي جهل لأمه (و) أنج (المستضعفين بمكة من المؤمنين) من عطف العام على الخاص وسقط قوله من المؤمنين من اليونينية: (اللهم اشدد) بهمزة وصل (وطأتك) بفتح الواو وسكون الطاء المهملة ثم
همزة أي اشدد بأسك أو عقوبتك (على) كفار قريش أولاد (مضر) بن نزار بن معد بن عدنان (اللهم اجعلها) أي الموطأة أو الأيام أو السنين وقد نصوا على جواز عود الضمير على المتأخر لفظًا ورتبة إذا كان مخبرًا عنه بخبر يفسره كقوله: ﴿إن هي إلا حياتنا الدنيا﴾ [الأنعام: ٢٩]