للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تشديد عليّ.

({سُقِطَ}) في قوله تعالى: {ولما سقط في أيديهم} وفسره بقوله (كل من ندم فقد سقط في يده). قال في القاموس: وسقط في يده وأسقط مضمومتين زل وأخطأ وندم وتحير اهـ.

فإن النادم المتحسر يعض يده غمًا فتصير يده مسقوطًا فيها لأن فاه قد وقع فيها، وقيل من عادة النادم أن يطأطئ رأسه ويضع ذقنه على يده معتمدًا عليها ويصير على هيئة لو نزعت يده لسقط على وجهه فكأن اليد مسقوط فيها، ومعنى في على فمعنى في أيديهم على أيديهم، وهذه اللفظة قد اضطربت أقوال أهل اللغة في أصلها فقال أبو مروان بن سراج اللغوي قول العرب سقط في يده مما أعياني معناه. وقال الواحدي: لم أر لأهل اللغة شيئًا في أصله وحدّه أرتضيه إلا ما ذكره الزجاج أنه بمعنى ندم وأنه نظم لم يسمع قبل القرآن ولم تعرفه العرب ولم يوجد في أشعارهم، ويدل على صحة ذلك أن شعراء الإسلام لما سمعوا هذا النظم واستعملوه في كلامهم خفي عليهم وجه الاستعمال لأن عادتهم لم تجر به قال أبو نواس:

ونشوة سقطت منها في يدي

وأبو نواس هو العالم النحرير فأخطأ في استعمال هذا اللفظ لأن فعلت لا يبنى إلا من فعل متعدّ وسقط لازم لا يتعدى إلا بحرف الصلة لا يقال سقطت كما لا يقال رغبت وغضبت، إنما يقال رغب فيّ وغضب عليّ. وذكر أبو حاتم سقط فلان في يده بمعنى ندم وهو خطأ مثل قول أبي نواس لأنه لو كان كذلك لكان النظم ولما سقطوا في أيديهم وسقط القوم في أيديهم كذا نقله ابن عادل في اللباب.

٢٧ - باب حَدِيثِ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -

(حديث الخضر) ولأبي ذر باب حديث الخضر (مع موسى عليهما السلام).

٣٤٠٠ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ: لَا. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى

مُوسَى: بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجُعِلَ لَهُ الْحُوتُ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ يَتْبَعُ الْحُوتَ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَاّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ. فَقَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ».

وبه قال: (حدّثنا عمرو بن محمد) بفتح العين ابن بكير الناقد قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثني) بالإفراد (أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (أن عبيد الله بن عبد الله) بضم عين الأول ابن عتبة (أخبره عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (أنه تمارى) أي تنازع وتجادل (هو والحرّ بن قيس الفزاري) بفتح الفاء (في صاحب موسى) الذي ذهب إليه وقال له هل أتبعك (قال ابن عباس: هو خضر) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين (فمرّ بهما) بالحر وابن عباس (أبي بن كعب) الأنصاري (فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت) تجادلت (أنا وصاحبي هذا) الحر بن قيس (في صاحب موسى الذي سأل السبيل) الطريق (إلى لقيه) بضم اللام وكسر القاف وتشديد التحتية (هل سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يذكر شأنه؟ قال) أبي: (نعم سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر يذكر شأنه (يقول):

(بينما) بالميم (موسى في ملإ) بالقصر جماعة (من بني إسرائيل) أولاد يعقوب (جاءه رجل فقال: هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال: لا. فأوحى الله) عز وجل (إلى موسى) عليه السلام (بلى عبدنا خضر) أي أعلم منك بشيء مخصوص (فسأل موسى) ربه (السبيل إليه) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: إلى لقيه (فجعل) بضم الجيم مبنيًّا للمفعول (له الحوت آية) علامة على لقيه (وقيل له إذا فقدت الحوت) بفتح الفاء والقاف أي إذا غاب عن عينك (فارجع فإنك ستلقاه) فأخذ حوتًا فجعله في مكتل ثم انطلق معه بفتاه وقال له إذا فقدت الحوت فأخبرني (فكان يتبع الحوت) بسكون الفوقية ولأبي الوقت والأصيلي يتبع أثر الحوث (في البحر) أي ينتظر فقدانه فلما أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما فاضطرب الحوت في المكتل فسقط في البحر (فقال لموسى فتاه) يوشع بن نون (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت) أي فإني نسيت أن أخبرك بخبر الحوت (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) نسبه للشيطان تأدبًا مع الرب تعالى لأن نسبة النقص للنفس والشيطان أليق بمقام الأدب (فقال موسى) عليه السلام: (ذلك) الذي ذكرته (ما كنا نبغي) بالتحتية بعد الغين ولغير أبي ذر نبغ نطلب إذ هو علامة على لقي الخضر (فارتدّا) رجعا (على آثارهما) يقصان (قصصًا) حتى انتهيا إلى الصخرة (فوجدا خضرًا) نائمًا مسجى ثوبًا في

<<  <  ج: ص:  >  >>