للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في يكلماه حذف النون، والجملة كلها في الحقيقة مفسرة لمعنى قوله: وفي القوم أبو بكر وعمر لأنه لو لم يقل فهاباه لقيل فما منعهما وهما أقرب من غيرهما وأدل عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وخرج) بلفظ الماضي، وللحموي والمستملي: ويخرج (سرعان الناس) بفتح السين المهملة والراء أوائلهم جمع سريع، وحكى المنذري تجويز كسر السين وسكون الراء عن بعضهم، وحكى ابن سيده عن ثعلب أنه إذا كان السرعان وصفًا في الناس فالتحريك أفصح من التسكين (فقالوا: قصرت الصلاة) بفتح القاف وضم الصاد المهملة مبنيًا للفاعل وبضم القاف وكسر الصاد للمفعول. أي قال بعضهم لبعض لما رأوا من فعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأداة الاستفهام مقدرة (وفي القوم رجل) اسمه الخرباق بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة فألف فقاف (وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدعوه ذا اليدين) لطولهما (فقال: يا نبي الله أنسيت) الركعتين (أم قصرت)؟ بفتح القاف وضم الصاد للفاعل وللمفعول أيضًا (فقال) عليه الصلاة والسلام:

(لم أنس) في ظني (ولم تقصر) بفتح أوّله وضم ثالثه أو مبنيًّا للمفعول وأم حرف عطف

متصلة لأنها جاءت على شرطها من تقدم الاستفهام والسؤال بأي والجواب بأحد الشيئين المستفهم عنهما أو الأشياء، وجملة لم أنس ولم تقصر محكية بالقول، وجزم أن بحذف الألف وتقصر بالسكون ولما كانت أم هنا المتصلة لم يحسن في الجواب لا أو نعم (قالوا: بل نسيت يا رسول الله) لأنه لما نفى الأمرين وكان قد تقرر عندهم أن السهو غير جائز في الأمور البلاغية جزموا بوقوع النسيان لا القصر، وقوله بل بسكون اللام (قال: صدق ذو اليدين فقام فصلّى ركعتين) بانيًا على ما سبق بعد أن تذكر أنه لم يتمها إذ لم يطل الفصل (ثم سلّم ثم كبّر فسجد) للسهو سجودًا (مثل سجوده أو أطول) منه بالشك من الراوي (ثم رفع رأسه) من السجود (وكبّر ثم وضع) رأسه فكبّر فسجد سجودًا (مثل سجوده أو أطول) منه (ثم رفع رأسه) من السجود (وكبّر).

ومطابقة الحديث في قوله يدعوه ذا اليدين لأنه إنما كان يعرف بذلك.

والحديث سبق في الصلاة.

٤٦ - باب الْغِيبَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: ١٢]

(باب) تحريم (الغيبة) بكسر المعجمة وهي ذكر المسلم غير المعلن بفجوره في غيبته بما يكره ولو بغمز أو بكتابة أو إشارة. قال الثوري: وممن يستعمل التعريض في ذلك كثير من الفقهاء في التصانيف وغيرها كقولهم: قال بعض من يدعي العلم أو بعض من ينسب إلى الصلاح أو نحو ذلك مما يفهم السامع المراد به، ومنه قولهم عند ذكره الله يعافينا ونحوه إلا أن يكون ذلك نصحًا لطالب شيئًا لا يعلم عيبه ونحو ذلك.

(وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على السابق: {ولا يغتب بعضكم بعضًا} نهي عن الغيبة نهي تحريم اتفاقًا وهل هي من الكبائر أو الصغائر؟ قال النووي في الروضة تبعًا للرافعي: من الصغائر، وتعقب بأن حدّ الكبيرة صادق عليها فهي منها {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا} تمثيل وتصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفحش وجه وفيه مبالغات منها الاستفهام التقريري وجعل ما هو في الغاية من الكراهة موصولاً بالمحبة، ومنها إسناده الفعل إلى أحدكم والإشعار بأن أحدًا من الأحدين لا يحب ذلك، ومنها أنه لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان حتى جعل الإنسان أخًا، ومنها لم يقتصر على لحم الأخ حتى جعله ميتًا. ووجه المناسبة أن إدارة حنكة بالغيبة كالأكل، وعن قتادة كما تكره إن وجدت جيفة مدودة أن تأكل منها كذلك فاكره لحم أخيك وهو حي، وانتصب ميتًا على الحال من اللحم أو من أخيه ولما قرر لهم بأن أحدًا منهم لا يحب أكل جيفة أخيه عقب ذلك بقوله {فكرهتموه} أي فتحققت كراهتكم له باستقامة العقل، فليتحقق أيضًا أن تكرهوا ما هو نظيره من الغيبة باستقامة الدين {واتقوا الله إن الله توّاب رحيم}

[الحجرات: ١٢] التوّاب البليغ في قبول التوبة، والمعنى: واتقوا الله بترك ما أمرتم باجتنابه والندم على ما وجد منكم فإنكم إن اتقيتم تقبل الله توبتكم وأنعم عليكم

<<  <  ج: ص:  >  >>