الذين باعوها (إلا أن يشترطوا الولاء) عليها لهم (فذكرت) عائشة (للنبي) ولأبي ذر وابن عساكر فذكرت ذلك للنبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) لها: (اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء) على العتيق (لمن أعتق) لا لمن اشترط شرطًا ليس في كتاب الله (وأتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم همزة أُتي (بلحم فقيل) له عليه الصلاة والسلام: (إن هذا ما تصدق على) بضم الفوقية والصاد ولأبي ذر تصدق به على (بريرة فقال) عليه الصلاة والسلام: (هو لها) لبريرة (صدقة ولنا هدية) حيث أهدته لنا.
وهذا الحديث صورته صورة الإرسال حيث قال الأسود: إن عائشة، لكن المؤلّف في كفارة الإيمان ذكره عن سليمان بن حرب عن شعبة فقال: فيه عن الأسود عن عائشة.
وبه قال:(حدّثنا آدم) بن إياس قال: (حدّثنا شعبة) بسنده السابق (وزاد) فقال: (فخيرت) بضم الخاء وكسر التحتية المشددة (من زوجها) كذا أورده مختصرًا لم يذكر لفظه وذكره في الزكاة عن آدم بهذا الإسناد فلم يذكر هذه أي قوله فخيرت من زوجها، وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن آدم شيخ البخاري فيه فجعل ذلك من قول إبراهيم ولفظه في آخره قال الحكم، وقال إبراهيم: وكان زوجها حرًّا فخيرت من زوجها. قال في الفتح، بعد سياقه لما مرّ: فظهر أن هذه الزيادة مدرجة وحذفها في الزكاة لذلك، وإنما أوردها هنا مشيرًا إلى أن أصل التخيير في قصة بريرة ثابت من طريق أخرى.
(باب قول الله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات}) أي لا تتزوّجوهن ({حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم})[البقرة: ٢٢١] ولو كان الحال أن المشركة تعجبكم وتحبونها لجمالها ومالها. روى البغوي في تفسيره أن سبب نزولها أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي بعثه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى مكة ليخرج منها ناسًا من المسلمين سرًّا فلما قدمها سمعت امرأة مشركة يقال لها عناق، وكانت جليلة في الجاهلية فأتته وقالت: يا أبا مرثد ألا تخلو؟ فقال لها: ويحك يا
عناق إن الإسلام قد حال بيننا وبين ذلك، قالت: فهل لك أن تتزوج بي؟ قال: نعم ولكن ارجع إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأستأمره فقالت: أبي تتبرم ثم استغاثت عليه فضربوه ضربًا شديدًا ثم خلوا سبيله فلما قضى حاجته بمكة وانصرف إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأعلمه الذي كان من أمره وأمر عناق وقال: يا رسول الله أيحل لي أن أتزوّجها؟ فأنزل الله تعالى الآية.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا ليث) ولأبي ذر الليث هو ابن سعد الإمام (عن نافع أن ابن عمر) -رضي الله عنهما- (كان إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية قال: إن الله حرّم المشركات على المؤمنين ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر) بالموحدة، ولأبي ذر وابن عساكر: أكثر بالمثلثة بدل الموحدة (من أن تقول المرأة ربها عيسى) إشارة إلى قول النصارى المسيح ابن الله واليهود عزير ابن الله (وهو) أي عيسى (عبد من عباد الله) وهذا مصير من ابن عمر إلى استمرار حكم عموم آية البقرة السابقة ولعله كان يرى أن آية المائدة منسوخة، وبه جزم إبراهيم الحربي والجمهور على أن عموم آية البقرة خص بآية المائدة وهي قوله تعالى:{والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}[المائدة: ٥] أي التوراة والإنجيل وعن بعض السلف أن المراد بالمشركات عبدة الأوثان والمجوس، وقد قيل إن القائل من اليهود والنصارى العزير ابن الله والمسيح ابن الله طائفتان انقرضوا لا كلهم ويهود ديار مصر مصرحون بالتنزيه عن ذلك وبالتوحيد، وروى ابن المنذر أن ابن عمر شذ بذلك فقال: لا يحفظ عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك، لكن روى ابن أبي شيبة بسند حسن عن عطاء كراهية نكاح اليهودية والنصرانية وروي عن عمر أنه كان يأمر بالتنزه عنهن من غير أن يحرمهن لخلطة الكافرة وخوف الفتنة على الولد لأنه في صغره ألزم لأمه، ومثله قول مالك -رحمه الله- تصير تشرب الخمر وهو يقبل ويضاجع لا لعدم الحل، ويدل على الحل تزوج بعض الصحابة منهم وخطبة بعضهم فمن المتزوّجين: حذيفة وطلحة وكعب بن مالك، وقد خطب المغيرة بن