وفي الاحتجاج نظر وذلك لأن الغاية تقتضي ثبوت القبول بعدها ولا شك أن ما تقدم قبلها من المحدث صلاة وقعت بوجه مشروع وقبولها مشروط بدوام الطهارة إلى حين إكمالها أو بتجديد الطهارة عند وقوع الحدث في أثنائها لاتمامها بعد ذلك فيقبل حينئذٍ ما تقدم من الصلاة قبل الحدث وما وقع بعدها مما يكملها.
والحديث منطبق على هذا وليس فيه ما يدفعه فكيف يكون ردًّا على أبي حنيفة فتأمله.
٣ - باب فِى الزَّكَاةِ وَأَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ
وَلَا يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه بيان ترك الحيل (في) إسقاط (الزكاة وأن لا يفرق) بضم أوّله وفتح ثالثه المشدد (بين مجتمع) بكسر الميم الثانية (ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة).
٦٩٥٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ، حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عبد الله الأنصاري) قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (أبي) عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (ثمامة بن عبد الله بن أنس) بضم المثلثة وتخفيف الميم (أن أنسًا) -رضي الله عنه- (حدّثه أن أبا بكر) الصديق -رضي الله عنه- (كتب له فريضة الصدقة التي فرض رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يجمع) بضم أوّله وفتح ثالثه عطف على فريضة أي لا يجمع المالك والمصدق (بين متفرق) بتقديم الفوقية على الفاء فلو كان لكل شريك أربعون شاة فالواجب عليهما شاتان فإذا جمع تحيل بتنقيص الزكاة إذ يصير على كل واحد نصف شاة (ولا يفرق) بضم التحتية وفتح الراء مشددة (بين مجتمع) بكسر الميم الثانية (خشية) المالك كثرة (الصدقة) بنصب خشية مفعولاً لأجله، وقوله ولا يفرق أي لو كان بين الشريكين أربعون شاة لكل واحد عشرون فيفرق حتى لا يجب على واحد منهما زكاة.
ومطابقته للترجمة ظاهرة وسبق في الزكاة.
٦٩٥٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: «الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلَاّ أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا» فَقَالَ: أَخْبِرْنِى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ قَالَ: «شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَاّ أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا» قَالَ: أَخْبِرْنِى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَالَ: وَالَّذِى أَكْرَمَكَ لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَىَّ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» -أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ- إِنْ صَدَقَ». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِى عِشْرِينَ وَمِائَةِ بَعِيرٍ حِقَّتَانِ فَإِنْ أَهْلَكَهَا مُتَعَمِّدًا أَوْ وَهَبَهَا أَوِ احْتَالَ فِيهَا فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد أبو رجاء الثقفي مولاهم قال: (حدّثنا إسماعيل بن جعفر) الأنصاري المدني (عن أبي سهيل) بضم السين المهملة مصغرًا نافع (عن أبيه) مالك بن أبي عامر (عن طلحة بن عبيد الله) بضم العين أحد العشرة المبشرة بالجنة -رضي الله عنه- (أن أعرابيًّا) اسمه ضمام بن ثعلبة أو غيره (جاء إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثائر) شعر (الرأس) أي متفرقه من عدم الرفاهية (فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله عليّ) بتشديد الياء (من الصلاة) في اليوم والليلة (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا) وفي الإيمان قال هل عليّ غيرها قال لا إلا أن تطوع (فقال) الإعرابي: يا رسول الله (أخبرني بما فرض الله عليّ من الصيام قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (شهر رمضان إلا
أن تطوع شيئًا) وفي الإيمان قال هل عليّ غيره قال لا إلا أن تطوع (قال أخبرني بما فرض الله عليّ من الزكاة. قال فأخبره رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شرائع الإسلام) ولأبي ذر بشرائع الإسلام بزيادة موحدة قبل المعجمة واجبات الزكاة وغيرها (قال) الإعرابي (والذي أكرمك) أي برسالته العامة (لا أتطوع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئًا فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أفلح) أي فاز الأعرابي (إن صدق أو دخل الجنة وإن صدق) ولأبي ذر عن الكشميهني أو أدخل الجنة بزيادة همزة مضمومة وكسر الخاء المعجمة والشك من الراوي.
واستشكل إذ مفهومه أنه إن تطوع لا يفلح وأجيب: بأن شرط اعتبار مفهوم المخالفة عدم مفهوم الموافقة وهاهنا مفهوم الموافقة ثابت لأن من تطوع يفلح بالطريق الأولى، ووجه إدخال هذا الحديث هنا أن المؤلّف -رحمه الله- فهم من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفلح إن صدق إن من رام أن ينقص شيئًا من فرائض الله بحيلة يحتالها لا يفلح ولا يقوم له بذلك عند الله عذر وما أجازه الفقهاء من تصرف صاحب المال في ماله قرب حلول الحول لم يريدوا بذلك الفرار من الزكاة ومن نوى ذلك فالإثم عنه غير ساقط قاله في المصابيح.
والحديث سبق في الإيمان.
(وقال بعض الناس): وهم الحنفية كما قيل فيما مر (في عشرين ومائة بعير حقتان) بكسر المهملة وتشديد القاف تثنية حقة وهي التي لها ثلاث سنين