بعضها جزء له تعالى وبعضها جزء لغيره، وقيل معنى الجعل أنهم أثبتوا لله ولدًا لأن ولد الرجل جزء منه والأول أولى لأنّا إذا حملنا الآية على إنكار الشريك لله والآية اللاحقة على إنكار الولد كان ذلك جامعًا للرد على جميع المبطلين.
[٤٤] سورة الدُّخَانِ
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَقَالَ مُجَاهِدٌ ﴿رَهْوًا﴾: طَرِيقًا يَابِسًا. ﴿عَلَى الْعَالَمِينَ﴾: عَلَى مَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ. ﴿فَاعْتُلُوهُ﴾: ادْفَعُوهُ. ﴿وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ﴾: أَنْكَحْنَاهُمْ حُورًا عِينًا يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ. ﴿تَرْجُمُونِ﴾: الْقَتْلُ. وَرَهْوًا: سَاكِنًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿كَالْمُهْلِ﴾: أَسْوَدُ كَمُهْلِ الزَّيْتِ. وَقَالَ غَيْرُهُ ﴿تُبَّعٍ﴾: مُلُوكُ الْيَمَنِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسَمَّى تُبَّعًا لأَنَّهُ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ، وَالظِّلُّ يُسَمَّى تُبَّعًا لأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ.
([٤٤] سورة الدُّخَانِ)
مكية إلا قوله: ﴿إنّا كاشفو العذاب﴾ الآية وهي سبع أو تسع وخمسون آية، ولأبي ذر: سورة حم الدخان (بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر.
(وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي (﴿رهوًا﴾) في قوله تعالى: ﴿واترك البحر رهوًا﴾ [الدخان: ٢٤] أي (طريقًا يابسًا) زاد الفريابي كهيئته يوم ضربه وزاد أبو ذر ويقال رهوًا ساكنًا يقال الخيل رهوًا أي ساكنة قال النابغة:
والخيل تمرح رهوًا في أعنتها … كالطير ينجو من الشؤبوب ذي البرد
وعن أبي عبيدة رهوًا منفتحًا فرجًا على ما تركته روي أنه لما انفلق البحر لموسى وطلع منه
خاف أن يدركه فرعون فأراد أن يضربه ليعود حتى لا يلحقه فقيل له اتركه إنهم جند مغرقون.
(﴿على العالمين﴾) ولأبي ذر على علم على العالمين (على من بين ظهريه) أي اخترنا مؤمني بني إسرائيل على عالمي زمانهم.
(﴿فاعتلوه﴾) في قولها ﴿خذوه فاعتلوه﴾ [الدخان: ٤٧] أي (ادفعوه) دفعًا عنيفًا.
﴿وزوجناهم بحور﴾ [الدخان: ٥٤] (أنكحناهم) ولأبي ذر بحور عين أنكحناهم (حورًا عينًا يحار فيها الطرف) والعين جمع عيناء العظيمة العينين من النساء الواسعتهما وليس المراد عقد التزويج ولأبي ذر هنا فاعتلوه ادفعوه.
ويقال أن (﴿ترجمون﴾) في قوله: (﴿وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون﴾ [الدخان: ٢٠] المراد بالرجم هنا (القتل) وقال ابن عباس ترجمون بالقتل وهو الشتم يقولون هو ساحر وقال قتادة بالحجارة: (ورهوًا ساكنًا) كذا هو هنا في اليونينية وفرعها وسبق ذكره لأبي ذر.
(وقال ابن عباس) فيما رواه ابن أبي حاتم في (﴿كالمهل﴾) من قوله: ﴿إنّ شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل﴾ [الدخان: ٤٣ - ٤٥] هو (أسود كمهل الزيت) أي كدرديه أو عكر القطران أو ما أذيب من الذهب والفضة أو من كل المنطبعات كالحديد.
(وقال غيره) أي غير ابن عباس في (﴿تبع﴾) من قوله تعالى: ﴿أهم خير أم قوم تبع﴾ [الدخان: ٣٧] هم (ملوك اليمن كل واحد منهم يسمى تبعًا لأنه يتبع صاحبه) وقيل لأن أهل الدنيا كانوا يتبعونه وموضع تبع في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام (والظل يسمى تبعًا لأنه يتبع الشمس) قاله أبو عبيدة وقالت عائشة فيما رواه عبد الرزاق كان تبع رجلًا صالحًا.
١ - باب: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ قَالَ قَتَادَةُ (فَارْتَقِبْ) فَانْتَظِرْ
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله ﷿: (﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين﴾) [الدخان: ١٠] وسقط لغير أبي ذر لفظ باب وقوله فارتقب فقط (قال قتادة) فيما وصله عبد بن حميد (فارتقب) أي (فانتظر) وللأصيلي انتظر بإسقاط الفاء.
٤٨٢٠ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَضَى خَمْسٌ: الدُّخَانُ، وَالرُّومُ، وَالْقَمَرُ، وَالْبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ.
وبه قال: (حدّثنا عبدان) عبد الله بن عثمان المروزي (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري (عن الأعمش) سليمان (عن مسلم) هو ابن صبيح (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عبد الله) هو ابن مسعود ﵁ أنه (قال: مضى خمس) من علامات الساعة
(الدخان) بتخفيف الخاء المذكور في قوله هنا: ﴿يوم تأتي السماء بدخان مبين﴾ [الدخان: ١٠] (والروم) في قوله: ﴿الم * غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ [الروم: ١ - ٢] (والقمر) في قوله: ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾ [القمر: ١] (والبطشة) في قوله هنا: ﴿يوم نبطش البطشة الكبرى﴾ [الدخان: ١٦] (واللزام) في قوله: ﴿فسوف يكون لزامًا﴾ [الفرقان: ٧٧] وهو الهلكة أو الأسر ويدخل في ذلك يوم بدر كما فسره به ابن مسعود وغيره فيكون أربعًا أو اللزام يكون في القيامة ولتحقق وقوعه عدّ ماضيًا.
وهذا الحديث سبق في الفرقان.
٢ - باب ﴿يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله: (﴿يغشى الناس﴾) أي يحيط بهم الدخان (﴿هذا عذاب أليم﴾) [الدخان: ١١] في محل نصب بالقول وذلك القول حال أي قائلين ذلك وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.
٤٨٢١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ هَذَا لأَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَوْا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ دَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الدخان: ١٠ - ١١] قَالَ: فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ فَإِنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ قَالَ: «لِمُضَرَ؟ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ»، فَاسْتَسْقَى، فَسُقُوا، فَنَزَلَتْ ﴿إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ [الدخان: ١٥] فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى حَالِهِمْ حِينَ أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ [الدخان: ١٦] قَالَ: يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ.
وبه قال: (حدّثنا يحيى) بن موسى البلخي قال: (حدّثنا أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء والزاي المعجمتين (عن الأعمش) سليمان