(على عهد رسول الله) ولأبي ذر، والأصيلي: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فخرج يجر رداءه) لكونه مستعجلاً (حتى انتهى إلى المسجد، وثاب الناس إليه) بالمثلثة أي: اجتمعوا إليه (فصلّى بهم ركعتين) بزيادة ركوع في كل ركعة (فانجلت الشمس) بنون بعد الألف (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا يخسفان) بفتح المثناة التحتية وسكون الخاء وكسر السين (لموت أحد) ولأبي الوقت في غير اليونينية: (وإذا) بالواو، ولأبي ذر: فإذا (كان ذاك) أي الكسوف فيهما، وللأربعة: ذلك، باللام (فصلوا وادعوا، حتى يكشف ما بكم) بضم أوله وفتح الشين.
وفي رواية حتى ينكشف، بفتح أوّله، وزيادة نون ساكنة وكسر الشين، غاية لمقدر، أي: صلوا من ابتداء الخسوف منتهين إما إلى الانجلاء، أو: إحداث الله أمرًا.
وهذا موضع الترجمة، إذ أمر بالصلاة بعد قوله: "إن الشمس والقمر .. ".
وعند ابن حبان، من طريق نوح بن قيس، عن يونس بن عبيد في هذا الحديث: "فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا ... " وهو أدخل في الباب من قوله هنا "فإذا كان ذلك ... " لأن الأول نص، وهذا محتمل لأن تكون الإشارة عائدة إلى كسوف الشمس، لكن الظاهر عود ذلك إلى خسوفهما معًا.
وأصرح من ذلك ما وقع في حديث أبي مسعود السابق: كسوف أيهما انكسف.
وعند ابن حبان من طريق النضر بن شميل، عن أشعث بإسناده في هذا الحديث: صلّى في كسوف الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم ... وفيه رد على من أطلق، كابن رشيد: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يصل فيه.
وأول بعضهم قوله: صلّى، أي: أمر بالصلاة، جمعًا بين الروايتين. وذكر صاحب جمع العدة، أن خسوف القمر وقع في السنة الرابعة، في جمادى الآخرة، ولم يشتهر أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع له الناس للصلاة.
وقال صاحب الهدى: لم ينقل أنه صلّى في كسوف القمر في جماعة، لكن حكى ابن حبان في السيرة له: أن القمر خسف في السنة الخامسة، فصلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه الكسوف، فكانت أول صلاة كسوف في الإسلام.
قال في فتح الباري: وهذا إن ثبت انتفى التأويل المذكور.
وقال مالك والكوفيون: يصلّى في كسوف القمر فرادى ركعتين، كسائر النوافل، في كل ركعة ركوع واحد، ولا يجمع لها بل، يصلونها أفرادًا، إذ لم يرد أنه عليه الصلاة والسلام صلاها في جماعة، ولا دعا إلى ذلك.
ولأشهب جواز الجمع، قال اللخمي: وهو أبين. والمذهب أن الناس يصلونها في بيوتهم، ولا يكلفون الخروج لئلا يشق ذلك عليهم.
(وذاك) وللأربعة: وذلك، بل للام (أن اْبنًا للنبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مات، يقال له: إبراهيم، فقال الناس في ذاك) ولأبي ذر، والأصيلي في ذلك، باللام أي: قالوا ما كانوا يعتقدونه من أن النيرين يوجبان تغيرًا في العالم من موت وضرر، فأعلم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ذلك باطل.
١٨ - باب الرَّكْعَةُ الأُولَى فِي الْكُسُوفِ أَطْوَلُ
(باب الركعة الأولى في الكسوف أطول) من الثانية، والثانية أطول من الثالثة، وهي أطول من الرابعة. وللحموي والكشميهني باب الركعة في الكسوف تطوّل.
١٠٦٤ - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِهِمْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي سَجْدَتَيْنِ، الأَوَّلُ الأَوَّلُ أَطْوَلُ".
وبه قال: (حدّثنا)، ولأبي ذر: أخبرنا (محمود)، ولأبي ذر والأصيلي: محمود بن غيلان (قال:
حدّثنا أبو أحمد) محمد بن عبد الله الزبيري الأسدي الكوفي (قال: حدّثنا سفيان) الثوري (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري (عن عمرة) بنت عبد الرحمن الأنصارية (عن عائشة رضي الله عنها):
(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلّى بهم في كسوف الشمس) بالكاف (أربع ركعات، في سجدتين) أي: ركعتين (الأول والأول) بفتح الهمزة فيهما، وتشديد الواو. وفي نسخة: الأول فالأول، بالفاء أي: الركوع الأول (أطول) من الثاني.
قال ابن بطال: لا خلاف أن الركعة الأولى بقياميها وركوعيها أطول من الركعة الثانية بقياميها وركوعيها، واتفقوا على أن القيام الثاني وركوعه فيهما أقصر من القيام الأول وركوعه فيهما.
واختلفوا في القيام الأول من الثانية وركوعه، وسبب هذا الخلاف فهم معنى قوله: وهو دون القيام الأول. هل المراد به: الأول من الثانية، أو يرجع إلى الجميع فيكون كل قيام دون الذي قبله؟