لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلًا﴾ [الكهف: ٥٨] مشتق من (وألت تئل) من باب فعل يفعل بفتح العين في الماضي وكسرها في المستقبل أي (تنجو) يقال وأل إذا نجا ووأل إليه إذا لجأ إليه والموئل الملجأ (وقال مجاهد موئلًا) أي (محرزًا) بفتح الميم وكسر الراء بينهما حاء مهملة ساكنة.
(﴿لا يستطيعون سمعًا﴾) في قوله تعالى: ﴿الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعًا﴾ [الكهف: ١٠١] أي (لا يعقلون) وهذا وصله الفريابي عن مجاهد أي لا يعقلون عن الله أمره ونهيه والأعين هنا كناية عن البصائر لأن عين الجارحة لا نسبة بينها وبين الذكر والمعنى الذين فكرهم بينها وبين ذكري والنظر في شرعي حجاب وعليها غطاء ولا يستطيعون سمعًا لإعراضهم ونفارهم عن الحق لغلبة الشقاء عليهم.
١ - باب قَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾
(باب قوله) ولأبي ذر باب بالتنوين أي في قوله تعالى: (﴿وكان الإنسان﴾) يريد الجنس أو النضر بن الحارث أو أبي بن خلف (﴿أكثر شيء﴾) يتأتى منه الجدل (﴿جدلًا﴾) [الكهف: ٥٤] خصومة ومماراة بالباطل وانتصابه على التمييز يعني أن جدل الإنسان أكثر من جدل كل شيء ونحوه ﴿فإذا هو خصيم مبين﴾ [يس: ٧٧] وفي حديث مرفوع "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل".
٤٧٢٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ قَالَ: «أَلَا تُصَلِّيَانِ؟» رَجْمًا بِالْغَيْبِ لَمْ يَسْتَبِنْ فُرُطًا: نَدَمًا. سُرَادِقُهَا مِثْلُ السُّرَادِقِ وَالْحُجْرَةِ الَّتِي تُطِيفُ بِالْفَسَاطِيطِ. يُحَاوِرُهُ مِنَ الْمُحَاوَرَةِ، لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي أَيْ لَكِنْ أَنَا هُوَ اللَّهُ رَبِّي ثُمَّ حَذَفَ الأَلِفَ وَأَدْغَمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الأُخْرَى، وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا يَقُولُ: زَلَقًا: لَا يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ، هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ: مَصْدَرُ الْوَلِيِّ عُقُبًا: عَاقِبَةٌ وَعُقْبَى وَعُقْبَةٌ وَاحِدٌ وَهْيَ الآخِرَةُ، قِبَلًا وَقُبُلًا وَقَبَلًا اسْتِئْنَافًا. لِيُدْحِضُوا لِيُزِيلُوا الدَّحْضُ الزَّلَقُ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: (حدّثنا أبي) إبراهيم (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (علي بن حسين) بضم الحاء هو زين العابدين (أن) أباه (حسين بن علي أخبره عن) أبيه (علي ﵁ أن رسول الله ﷺ طرقه وفاطمة) أي أتاهما ليلًا (قال) ولأبي ذر وقال أي لهما حثًّا وتحريضًا (ألا تصليان) كذا ساقه مختصرًا ولم يذكر المقصود منه هنا جريًا على عادته في التعمية وتشحيذ الأذهان فأشار بطرفه إلى بقيته وهو قول علي فقلت: يا رسول الله أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إليّ شيئًا ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول ﴿وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا﴾ وهذا يدل على أن المراد بالإنسان الجنس ففيه ردّ على من قال المراد بالإنسان هنا الكافر لكن في الآية مع قوله: ويجادل الذين كفروا بالباطل إشعار بالتخصيص لأن ذلك صفة ذم ولا يستحقه إلا من هو له أهل وهم الكفار.
وهذا الحديث قد مر في التهجد من أواخر كتاب الصلاة.
(﴿رجمًا بالغيب﴾) في قوله: ﴿ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجمًا بالغيب﴾ [الكهف: ٢٢] أي (لم يستبن) لهم فهو قول بلا علم وقد حكي ثلاثة أقوال في اختلاف الناس
في عددهم، فمنهم من قال ثلاثة رابعهم كلبهم قيل وهو قول اليهود، وقيل هو قول السيد من نصارى نجران وكان يعقوبيًا. وقال النصارى أو العاقب منهم خمسة سادسهم كلبهم وقد أتبع هذين القولين بقوله رجمًا بالغيب، وقال المسلمون بأخبار الرسول سبعة وثامنهم كلبهم ورجمًا يجوز كونه مفعولًا من أجله وكونه في موضع الحال أي ظانين وقوله رجمًا الخ ساقط لأبي ذر.
(يقال ﴿فرطًا﴾) يريد قوله تعالى: ﴿وكان أمره فرطًا﴾ [الكهف: ٢٨] أي (ندمًا) وهذا وصله الطبري من طريق داود بن أبي هند بلفظ ندامة وقال أبو عبيدة تضييعًا وإسرافًا وسقط قوله يقال لغير أبي ذر.
(﴿سرادقها﴾) في قوله: ﴿إنّا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها﴾ [الكهف: ٢٩] والضمير يرجع إلى النار والمعنى أن سرادق النار (مثل السرادق والحجرة) بالراء (التي تطيف بالفساطيط) أي تحيط بها والفساطيط جمع فسطاط وهي الخيمة العظيمة والسرداق الذي يمدّ فوق صحن الدار ويطيف به وقيل سرادقها دخانها وقيل حائط من نار.
(﴿يحاوره﴾) في قوله تعالى: ﴿قال له صاحبه وهو يحاوره﴾ [الكهف: ٣٧] هو (من المحاورة) وهي المراجعة.
(﴿لكنا هو الله ربي﴾ أي لكن أنا هو الله ربي) كما كتبت في مصحف أبي بإثبات أنا (ثم حذف الألف) التي هي صورة الهمزة والهمزة (وأدغم إحدى النونين في الأخرى) عند التقاء المثلين وقوله ثم حذف الألف يحتمل أن يكون بنقل حركة الهمزة لنون لكن أو حذفت من غير نقل على غير قياس قال