موسى (أن يردّ عليها شيئًا، فلما أفاق قال: أنا) وللحموي والمستملي: إني (بريء ممن برئ منه رسول الله) ولأبي ذر: محمد (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إن
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بريء من الصالقة) بالصاد المهملة والقاف، الرافعة صوتها في المصيبة (والحالقة) التي تحلق شعرها (والشاقة) التي تشق ثوبها.
وموضع الترجمة قوله: والحالقة، وخصها بالذكر دون غيرها لكونها أبشع في حق النساء، وقوله برئ بكسر الراء، يبرأ بالفتح قال القاضي: برئ من فعلهن، أو مما يستوجبن من العقوبة، أو من عهدة ما لزمني من بيانه. وأصل البراءة الانفصال، وليس المراد التبري من الدين والخروج منه، قال النووي: ويحتمل أن يراد به ظاهره، وهو البراءة من فاعل هذه الأمور.
٣٨ - باب لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ
هذا (باب) بالتنوين (ليس منا من ضرب الخدود).
١٢٩٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ».
وبالسند قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد الشين المعجمة، قال: (حدّثنا عبد الرحمن) بن مهدي، قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن عبد الله بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء (عن مسروق) هو: ابن الأجدع (عن عبد الله) بن مسعود (رضي الله عنه، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، أنه (قال):
(ليس منا من ضرب الخدود) كبقية الوجوه (وشق الجيوب، ودعا بدعوى) أهل (الجاهلية). من نوح وندبة وغيرهما مما لا يجوز شرعًا. والواو فيهما بمعنى: أو، فالحكم في كل واحد لا المجموع، لأن كلاًّ منهما دال على عدم الرضا والتسليم للقضاء. والنفي في قوله: ليس منا، للتغليظ، لأن المعصية لا تقتضي الخروج عن الدين إلا أن تكون كفرًا أو المعنى: ليس مقتديًا بنا، ولا مستنًا بسنتنا.
٤٠ - باب مَا يُنْهَى مِنَ الْوَيْلِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ
(باب: ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة) ما مصدرية، والويل، أن يقول عند المصيبة: واويلاه، وذكر دعوى الجاهلية بعد ذكر الويل من العام بعد الخاص، وسقط الباب والترجمة والحديث عند الكشميهني.
١٢٩٨ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ».
وبالسند قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص، قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (عن عبد الله بن مرة، عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عبد الله) بن مسعود (رضي الله عنه) أنه (قال: قال رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية) المستلزم للويل، وقوله: ليس منا، للنهي، وفي بعض طرق الحديث، عند ابن ماجة، وصححه ابن حبان عن أبي أمامة: أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لعن الخامشة وجهها، والشاقة جيبها، والداعية بالويل والثبور.
٤١ - باب مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ
(باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن) بضم التحتية وفتح الراء، من يعرف مبنيّا للمفعول ومن موصولة.
١٢٩٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ شَقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ -وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ- فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَقَالَ: انْهضْ فانْهَهُنَّ. فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ: وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ: فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ. فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْعَنَاءِ". [الحديث ١٢٩٩ - طرفاه في: ١٣٠٥، ٤٢٦٣].
وبالسند قال: (حدّثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري الزمن، قال: (حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي (قال سمعت يحيى) بن سعيد الأنصاري (قال: أخبرتني) بالإفراد (عمرة) بفتح العين وسكون الميم بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية (قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها قالت):
(لما جاء النبي) بالنصب على المفعولية (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قتل ابن حارثة) برفع لام قتل على الفاعلية، وهو زيد. وأبوه بالمهملة والمثلثة. وضبب في اليونينية على: ابن من: ابن حارثة، فلينظر (و) قتل (جعفر) هو: ابن أبي طالب (و) قتل (ابن رواحة) عبد الله في غزوة مؤتة، وجواب: لما قوله: (جلس) عليه الصلاة والسلام، أي: في المسجد، كما في رواية أبي داود (يعرف فيه الحزن).
قال في شرح المشكاة: حال، أي: جلس حزينًا، وعدل إلى قوله: يعرف، ليدل على أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كظم الحزن كظمًا. وكان ذلك القدر الذي ظهر فيه من جبلة البشرية. وهذا موضع
الترجمة، وهو يدل على الإباحة، لأن إظهاره يدل عليها. نعم، إذا كان معه شيء من اللسان، أو اليد، حرم.
قالت عائشة رضي الله عنها: (وأنا أنظر) جملة حالية (من صائر الباب) بالصاد المهملة المفتوحة والهمزة بعد الألف، كـ: لابن وتامر، كذا في الرواية. قال المازري: والصواب صير الباب، بكسر الصاد وسكون التحتية، وهو المحفوظ، كما في المجمل والصحاح والقاموس،