للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمرتها بتمر معلوم. قال في الفتح: وكأنه اختصره للعلم به ولم أجده في شيء من الطرق عنه إلا هكذا ولعله أراد أن يبين أنها مشتقة من عروت إذا أتيت وتردّدت إليه لا من العري الذي هو بمعنى التجرّد.

٨٥ - باب بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا

(باب) حكم (بيع الثمار) بالمثلثة المكسورة الشاملة للرطب وغيره (قبل أن يبدو) بغير همز أي يظهر (صلاحها) وبدو الصلاح في الأشياء صيرورتها إلى الصفة التي تطلب فيها غالبًا، ففي الثمار ظهور أوّل الحلاوة، ففي غير المتلوّن بأن يتموّه ويتليّن، وفي المتلوّن بانقلاب اللون كأن احمرّ أو اصفرّ أو اسودّ، وفي نحو القثاء بأن يجنى مثله غالبًا للأكل، وفي الحبوب اشتدادها، وفي ورق التوت بتناهيه.

٢١٩٣ - وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الأَنْصَارِيِّ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ قَالَ الْمُبْتَاعُ: إِنَّهُ أَصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَانُ، أَصَابَهُ مُرَاضٌ، أَصَابَهُ قُشَامٌ -عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ: فَإِمَّا لَا فَلَا يَتَبَايَعُوا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُ الثَّمَرِ، كَالْمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ، وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَمْ يَكُنْ يَبِيعُ ثِمَارَ أَرْضِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا، فَيَتَبَيَّنَ الأَصْفَرُ مِنَ الأَحْمَرِ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ حَدَّثَنَا حَكَّامٌ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ سَهْلٍ عَنْ زَيْدٍ.

(وقال الليث) بن سعد الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (كان عروة بن الزبير) بن العوام ولأبي ذر عن عروة بن الزبير (يحدّث عن سهل بن أبي حثمة) بسكون هاء سهل والمثلثة من حثمة (الأنصاري من بني حارثة) بالحاء المهملة والمثلثة (أنه حدّثه عن زيد بن ثابت) الأنصاري (رضي الله عنه) أنه (قال: كان الناس في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في زمنه وأيامه (يبتاعون) بتقديم الموحدة الساكنة على الفوقية والذي في اليونينية يتبايعون (الثمار) بالمثلثة، (فإذا جدّ الناس) بفتح الجيم والدال

المهملة في اليونينية وفي غيرها من الأصول التي وقفت عليها. وقال الحافظ ابن حجر والعيني: بالمعجمة أي قطعوا ثمر النخل وهذا قاله في الصحاح في باب الذال المعجمة، وقال في باب الدال المهملة: وجدّ النخل يجده أي صرمه وأجدّ النخل حان له أن يجد وهذا زمن الجداد والجداد مثل الصرام والصرام. وقال في باب الميم صرمت الشيء صرمًا إذا قطعته، وصرم النخل أي جدّه، وأصرم النخل أي حان أن يصرم، وللحموي والمستملي: أجدّ بزيادة ألف. قال السفاقسي: أي دخلوا في الجداد كأظلم إذا دخل في الظلام قال وهو أكثر الروايات. (وحضر تقاضيهم) بالضاد المعجمة أي طلبهم (قال المبتاع) أي المشتري: (إنه أصاب الثمر) بالمثلثة والإفراد (الدمان) بضم الدال وتخفيف الميم وبعد الألف نون كذا في الفرع وغيره وهو رواية القابسي فيما قاله عياض وهو موافق لضبط الخطابي، وفي رواية السرخسي فيما قاله عياض الدمان بفتح الدال وهو موافق لضبط أبي عبيد والصغاني والجوهري وابن فارس في المجمل. وقال ابن الأثير: وكأن الضم أشبه لأنه ما كان من الأدواء والعاهات فهو بالضم كالسعال والزكام، وفسره أبو عبيد بأنه فساد الطلع وتعفنه وسواده، وقال القزاز فساد الخل قبل إدراكه وإنما يقع ذلك في الطلع يخرج قلب النخلة أسود معفونًا (أصابه مراض) بضم الميم وبعد الراء المخففة ألف ثم ضاد معجمة بوزن الصداع اسم لجميع الأمراض وهو داء يقع في الثمر فيهلك، وللكشميهني والمستملي كما في الفتح: مراض بكسر الميم، وللحموي والمستملي كما في الفرع: مرض (أصابه قشام) بضم القاف وتخفيف الشين المعجمة أي انتفض قبل أن يصير ما عليه بسرًا أو شيء يصيبه حتى لا يرطب كما زاده الطحاوي في روايته، وقوله: أصابه بدل من الثاني وهو بدل من الأول وهذه الأمور الثلاثة (عاهات) عيوب وآفات تصيب الثمر (يحتجون بها) قال البرماوي كالكرماني: جمع الضمير باعتبار جنس المبتاع الذي هو مفسره، وقال العيني: فيه نظر لا يخفى وإنما جمعه باعتبار المبتاع ومن معه من أهل الخصومات بقرينة يبتاعون، (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما كثرت عنده الخصومة في ذلك):

(فإما لا) بكسر الهمزة وأصله فإن لا تتركوا هذه المبايعة فزيدت ما للتوكيد وأدغمت النون في الميم وحذف الفعل أي: افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره، وقد نطقت العرب بإمالة "لا" إمالة صغرى لتضمنها الجملة وإلاّ فالقياس أن لا تمال الحروف، وقد كتبها الصغاني فأمالي بلام وياء لأجل إمالتها، ومنهم من يكتبها بالألف على الأصل وهو أكثر ويجعل عليها فتحة محرفة علامة للإمالة، والعامّة تشبع إمالتها وهو خطأ (فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر) بأن يصير على الصفة التي تطلب (كالمشورة) بفتح الميم وضم الشين وإسكان الواو كذا في الفرع وغيره مما وقفت عليه، ويجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>