من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام) أي الذي الغالب عليه الصيام وإلا فكل المؤمنين أهل للكل (دعي من باب الريان)، وعند أحمد: لكل أهل عمل باب يدعون منه بذلك العمل فلأهل الصيام باب يدعون منه يقال له الريان (ومن كان من أهل الصدقة) المكثرين منها (دعي من باب الصدقة). وفي نسخة: دعي من أبواب الصدقة بجمع باب وليس هذا تكرار لما في صدر الحديث حيث قال: من أنفق زوجين لأن الإنفاق ولو بالقليل خير من الخيرات العظيمة وذاك حاصل من كل أبواب الجنة وهذا استدعاء خاص.
وفي نوادر الأصول من أبواب الجنة باب محمد ﷺ وهو باب الرحمة وهو باب التوبة وسائر الأبواب مقسومة على أعمال البر باب الزكاة باب الحج باب العمرة.
وعند عياض باب الكاظمين الغيظ الراضين الباب الأيمن الذي يدخل منه من لا حساب عليه.
وعند الآجريّ عن أبي هريرة مرفوعًا: إن في الجنة بابًا يقال له الضحى فإذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوا منه.
وفي الفردوس عن ابن عباس يرفعه: للجنة باب يقال له الفرح لا يدخل منه إلا مفرح الصبيان.
وعند الترمذي باب للذكر. وعند ابن بطال باب الصابرين. والحاصل أن كل من أكثر نوعًا من العبادة خص بباب يناسبها ينادى منه جزاء وفاقًا وقل من يجتمع له العمل بجميع أنواع
التطوّعات، ثم إن من يجتمع له ذلك إنما يدعى من جميع الأبواب على سبيل التكريم وإلا فدخوله إنما يكون من باب واحد وهو باب العمل الذي يكون أغلب عليه.
(فقال أبو بكر ﵁: بأبي أنت) أي مفدي بأبي (وأمي يا رسول الله، ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة)، أي ليس على المدعوّ من كل الأبواب ضرر بل له تكرمة وإعزاز.
وقال ابن المنير وغيره: يريد من أحد تلك الأبواب خاصة دون غيره من الأبواب فيكون أطلق الجمع وأراد الواحد. وقال ابن بطال: يريد أن من لم يكن إلا من أهل خصلة واحدة من هذه الخصال ودعي من بابها لا ضرر عليه لأن الغاية المطلوبة دخول الجنة. وقال في شرح المشكاة: لما خص كل باب بمن أكثر نوعًا من العبادة وسمع الصديق ﵁ رغب في أن يدعى من كل باب وقال ليس على من دعي من تلك الأبواب ضرر بل شرف وإكرام ثم سأل فقال:
(فهل يدعى أحد من تلك الأبواب) ويختص بهذه الكرامة (كلها؟ قال) ﵊: (نعم) يدعى منها كلها على سبيل التخيير في الدخول من أيها شاء لاستحالة الدخول من الكل معًا (وأرجو أن تكون منهم) الرجاء منه ﷺ واجب، ففيه أن الصديق من أهل هذه الأعمال كلها.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في فضائل أبي بكر، ومسلم في الزكاة، والترمذي في المناقب، والنسائي فيه وفي الزكاة والصوم والجهاد.
٥ - باب هَلْ يُقَالُ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ». وَقَالَ: «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ».
هذا (باب) بالتنوين (هل يقال) مبني للمفعول وللسرخسي والمستملي كما في الفتح هل يقول أي هل يجوز للإنسان أن يقول (رمضان) بدون شهر (أو) يقال (شهر رمضان، ومن رأى كله واسعًا) أي جائزًا بالإضافة وبغيرها، وللكشميهني مما في الفتح: ومن رآه بزيادة الضمير. قال البيضاوي كالزمخشري: رمضان مصدر رمض إذا احترق فأضيف إليه الشهر وجعل علمًا فصرح كما قال الدماميني بأن مجموع المضاف والمضاف إليه هو العلم ويجمع رمضان على رمضانات ورماضين وأرمضة وأرمضاء، وسمي بذلك لرمض الحر وشدة وقوعه فيه حال التسمية لأنهم لما نقلوا أسماء المشهور من اللغة القديمة سموها باسم الأزمنة التي وقعت فيها فصادف هذا الشهر أيام رمض الحر أي شدته. وقال القاضي أبو الطيب: سمي بذلك لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها وله أسماء غير هذا أنهوها إلى ستين ذكرها الطالقاني في كتابه حظائر القدس منها شهر الله وشهر الآلاء وشهر القرآن
وشهر النجاة، وقول الأكثرين يكره أن يقال رمضان بدون شهر ردّه النووي