فقال) لي (من مات من أمتك لا يشرك بالله) ﷿ (شيئًا دخل الجنة) هو جواب الشرط (قلت) يا جبريل (وإن رنى وإن سرق) يدخل الجنة (قال: إن زنى وإن سرق) يدخلها أي إذا تاب عند الموت كما حمله المؤلّف فيما مضى في اللباس، وحمله غيره على أن المراد بدخول الجنة أعمّ من أن يكون ابتداء أو بعد المجازاة على المعصية للجمع بين الأدلة، وفيه ردّ على من زعم من الخوارج والمعتزلة أن صاحب الكبيرة إذا مات من غير توبة يخلّد في النار ولم يتكرر هنا قوله: وإن زنى وإن سرق كما تكرر في الرواية السابقة في الباب قبل هذا، واقتصر على هاتين الكبيرتين لأنهما كالمثالين فيما يتعلق بحق الله وحق العباد وأشار في الرواية السابقة في الباب الذي قبل هذا بقوله: وإن شرب الخمر إلى فحشه لأنه يؤدي إلى خلل في العقل الذي شرف به الإنسان على البهائم.
٦٤٤٥ - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، عَنْ يُونُسَ، وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْ كَانَ لِى مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسَرَّنِى أَنْ لَا تَمُرَّ عَلَىَّ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَعِنْدِى مِنْهُ شَىْءٌ إِلاَّ شَيْئًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ».
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدثني (أحمد بن شبيب) بفتح الشين المعجمة وكسر الموحدة بعدها تحتية ساكنة فموحدة ثانية الحبطي بفتح الحاء المهملة والموحدة وكسر الطاء المهملة نسبة إلى الحبطات من تميم البصري الثقة الصدوق قال: (حدّثنا أبي) شبيب بن سعيد (عن يونس) بن يزيد الأيلي (وقال الليث) بن سعد الإمام فيما وصله الذهلي في الزهريات (حدثني) بالإفراد (يونس) المذكور ومراد المؤلّف بسياق هذا التعليق أن يقوي رواية أحمد بن شبيب فقد ضعفه ابن عبد البر تبعًا لأبي الفتح الأزدي، لكن الأزدي غير مرضي فلا يتبع في ذلك شبيب وثقه ابن المديني (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله) بالتصغير (ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود أنه قال (قال أبو هريرة ﵁ قال رسول الله ﷺ):
(لو كان لي مثل أُحد) الجبل (ذهبًا) وجواب لو قوله (لسرني) باللام قبل السين (أن لا تمر عليّ) ولأبي ذر: أن لا تمر بي (ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيئًا) بالنصب، ولأبي ذر إلا شيء بالرفع فالنصب لأن المستثنى منه مطلق عام والمستثنى مقيد خاص والرفع لأن المستثنى منه في سياق النفي ووقع تفسير الشيء في رواية بالدينار (أرصده) بفتح الهمزة وضم الصاد المهملة أو بضم ثم كسر أي أعدّه (لدين) بفتح الدال وفيه الحث على الإنفاق في وجوه الخيرات، وأنه ﷺ كان في أعلى درجات الزهد في الدنيا بحيث إنه لا يحب أن يبقى في يده شيء من الدنيا إلا لإنفاقه فيمن يستحقه وإما لإرصاده لمن له حق، وإما لتعذر من يقبل ذلك منه لتقييده في رواية همام عن أبي هريرة الآتية إن شاء الله تعالى في كتاب التمني بقوله: أجد من يقبله.
والحديث مضى في الاستقراض.
١٥ - باب الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿أَيَحْسِبُونَ أَنَّ مَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ﴾ [المؤمنون: ٥٥] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٣] قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَعْمَلُوهَا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلُوهَا.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (الغنى غنى النفس) بكسر الغين المعجمة مقصورًا سواء كان المتصف به قليل المال أو كثيره.
(وقول الله تعالى) ولأبي ذر وقال الله تعالى (﴿أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين﴾) [المومنون: ٥٥] ما بمعنى الذي وخبر أن نسارع لهم في الخيرات والعائد من خبر أن إلى اسمها محذوف تقديره نسارع لهم به، والمعنى أن هذا الإمداد ليس إلا استدراجًا لهم في المعاصي وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات ومعالجة بالثواب جزاء على حسن صنيعهم، وهذه الآية حجة على المعتزلة في مسألة الأصلح لأنهم يقولون: إن الله تعالى لا يفعل بأحد من الخلق إلا ما هو أصلح له في الدين وقد أخبر أن ذلك ليس بخير لهم في الدين ولا أصلح، وقوله: بل لا يشعرون استدراك لقوله: أيحسبون أي بل هم أشباه البهائم لا شعور لهم حتى يتأملوا في ذلك
أنه استدراج (إلى قوله تعالى: ﴿من دون ذلك هم لها عاملون﴾) [المؤمنون: ٦٣] وهذا رأس الآية التاسعة من ابتداء الآية المبتدأ بها هنا، والآيات التي بين الأولى والثانية وبين الأخيرة والتي قبلها معترضة في وصف المؤمنين، وقوله: ﴿مشفقون﴾ [المؤمنون: ٥٧] أي خائفون وقوله: ﴿والذين هم بآيات ربهم﴾ [المؤمنون: ٥٨] أي بكتبه كلها يؤمنون ولا يفرقون، وقوله: ﴿والذين يؤتون ما آتوا﴾ [المؤمنون: ٦٠] أي يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقات وقلوبهم وجلة خائفة أن لا يقبل منهم لتقصيرهم وخبر إن الذين أولئك يسارعون في الخيرات أي