للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنأكل منه أم لا؟ فقال: "اذكروا اسم الله عليه وكلوا". فلو كان واجبًا لما جاز الأكل مع الشك، وأما الآية ففسر الفسق فيها بما أهلّ لغير الله تعالى وتوجيهه: أن قوله. ﴿وإنه لفسق﴾ ليس معطوفًا لأن الجملة الأولى فعلية إنشائية، والثانية خبرية. ولا يجوز أن تكون جوابًا لمكان الواو فتعين كونها حالية فتقيد النهي بحال كون الذبح فسقًا، والفسق مفسر في القرآن بما أهلّ به لغير الله تعالى فيكون دليلاً لنا علينا وهذا نوع من القلب. وقال تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥] وهم لا يسمون وقد قام الإجماع على أن من أكل متروك التسمية ليس بفاسق.

ومطابقة هذا الحديث للترجمة من قوله فيها وسؤر الكلاب لأن في الحديث أنه أذن في أكل ما صاده الكلاب ولم يقيد ذلك بغسل موضع فمه، ولذا قال مالك: كيف يؤكل صيده ولكون لعابه نجسًا؟ وأجيب بأن الشارع وكله إلى ما تقرر عنده من غسل ما يماسه فمه.

وهذا الحديث من الخماسيات، ررواته كلهم أئمة أجلاّء ما بين بصري وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في البيوع والصيد والذبائح ومسلم وابن ماجة كلاهما فيه أيضًا.

٣٤ - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلاَّ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ مِنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ لقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾

وَقَالَ عَطَاءٌ فِيمَنْ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ الدُّودُ أَوْ مِنْ ذَكَرِهِ نَحْوُ الْقَمْلَةِ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ.

وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَوْ خَلَعَ خُفَّيْهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا وُضُوءَ إِلاَّ مِنْ حَدَثٍ. وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَرُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَرَكَعَ وَسَجَدَ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ. وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ: لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ. وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

وَبَزَعقَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ: لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ غَسْلُ مَحَاجِمِهِ.

هذا (باب من لم ير الوضوء) واجبًا من مخرج من مخارج البدن (إلا من المخرجين القبل والدبر) بالجر فيهما عطف بيان أو بدل أي لا من مخرج آخر كالفصد والحجامة والقيء وغيرها، والقبل يتناول ذكر الرجل وفرج المرأة وزاد في رواية من قبل القبل والدبر (لقوله تعالى) وفي رواية غير الهروي والأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت، وقول الله تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِط﴾ [المائدة: ٦] أي فأحدث بخروج الخارج من أحد السبيلين القبل والدبر، وأصل الغائط المطمئن من الأرض تقضى فيه الحاجة سمي باسم الخارج للمجاورة، لكن ليس في هذه الآية ما يدل على الحصر الذي ذكره المؤلف غاية ما فيها أن الله تعالى أخبر أن الوضوء أو التيمم عند فقد الماء يجب بالخارج من السبيلين وبملامسة النساء المفسرة بجسّ اليد كما فسّرها به ابن عمر ، واستدل بذلك الإمام الشافعي على نقض الوضوء به، والمعنى في النقض به أنه مظنة الالتذاذ المثير للشهوة. وقال الحنفية: الملامسة كناية عن الجماع فيكون دليلاً للغسل لا للوضوء، وأجيب: بأن اللفظ لا يختص بالجماع قال تعالى: ﴿فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾ [الأنعام: ٧] وقال لماعز: "لعلك لمست". (وقال عطاء) أي ابن أبي رباح مما وصله ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح (فيمن يخرج من دبره الدود أو من ذكره نحو القملة) وغير ذلك من النادر. قال: (يعيد الوضوء) وهذا مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وسفيان الثوري والأوزاعي، وقال قتادة ومالك: لا وضوء فيه، وفي نسخة باليونينية يعيد الصلاة بدل الوضوء. (وقال جابر بن عبد الله) مما وصله سعيد بن منصور والدارقطني: (إذا ضحك) فظهر منه حرفان أو حرف مفهم (في الصلاة أعاد الصلاة لا الوضوء) والذي في اليونينية ولم يعد الوضوء. وقال أبو حنيفة: إذا قهقه في الصلاة ذات الركوع والسجود بصوت يسمعه جيرانه بطلت الصلاة وانتقض الوضوء وإن لم يسمعه جيرانه فلا لحديث "من ضحك في الصلاة قهقهة فليعد الوضوء والصلاة". أخرجه ابن عديّ في كامله سواء كان بصوت يسمع أو تبسم، والخلاف إنما هو في نقض الوضوء لا في إبطال الصلاة. (وقال الحسن) البصري مما أخرجه سعيد بن منصور، وابن المنذر بإسناد صحيح موصولاً (إن أخذ من شعره) أي شعر رأسه أو شاربه (أو) من (أظفاره) ولابن عساكر وأظفاره فلا وضوء عليه خلافًا لمجاهد والحكم بن عتيبة وحماد (أو خلع) وفي رواية ابن عساكر وخلع (خفّيه) أو أحدهما بعد المسح عليهما (فلا وضوء عليه) وهذا مما وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن هشيم عن يونس عن الحسن البصري، وإليه ذهب قتادة وعطاء وطاوس وإبراهيم النخعي وسلمان وداود، واختاره النووي في شرح المهذب كابن المنذر وفي قول يتوضأ لبطلان كل الطهارة ببطلان بعضها كالصلاة، والأظهر أنه يغسل قدميه فقط لبطلان طهرهما بالخلع أو

<<  <  ج: ص:  >  >>