للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في السماء فوقع التحاج بينهما ويحتمل وقوع ذلك في حياة موسى (فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك) وهي أكلك من الشجرة التي نهيت عنها بقوله تعالى {ولا تقربا هذه الشجرة} [البقرة: ٣٥] (من الجنة. فقال له آدم أنت موسى الذي اصطفاك الله) اختارك على الناس (برسالاته) يعني بأسفار

التوراة وفيها قصتي (وبكلامه) وبتكليمه إياك (ثم) بالمثلثة المضمومة والميم المشدّدة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بم بموحدة مكسورة فميم مخففة (تلومني على أمر قدّر) بضم القاف وتشديد الدال المكسورة (عليّ قبل أن أخلق) وحكم بأن ذلك كائن لا محالة لعلمه السابق فهل يمكن أن يصدر مني خلاف علم الله، فكيف تغفل عن العلم السابق وتذكر الكسب الذي هو السبب وتنسى الأصل الذي هو القدر وأنت من المصطفين الأخيار الذين يشاهدون سر الله من وراء الأستار؟ (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فحج) أي غلب (آدم) بالرفع (موسى) بالحجة في دفع اللوم (مرتين) متعلق يقال، والغرض من هذا الحديث شهادة آدم لموسى أن الله اصطفاه.

وقد أخرجه أيضًا في التوحيد ومسلم في القدر.

٣٤١٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا قَالَ: عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ: هَذَا مُوسَى فِي قَوْمِهِ». [الحديث ٣٤١٠ - أطرافه في: ٥٧٠٥، ٥٧٥٢، ٦٤٧٢، ٦٥٤١].

وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا حصين بن نمير) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ونمير بضم النون وفتح الميم مصغرين الواسطي (عن حصين بن عبد الرَّحمن) بضم الحاء مصغرًا أيضًا السلمي الكوفي (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: خرج علينا النبي) ولأبي ذر: رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومًا قال) ولأبي ذر: فقال:

(عرضت) بضم العين مبنيًّا للمفعول (عليّ) بتشديد الياء (الأمم) بالرفع مفعولاً ناب عن الفاعل. وعند الترمذي والنسائي من رواية عبثر بن القاسم بموحدة ثم مثلثة بوزن جعفر في روايته عن حصين بن عبد الرَّحمن أن ذلك كان ليلة الإسراء ولفظه: لما أسري بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جعل يمرّ بالنبي الحديث. فإن كان هذا محفوظًا ففيه دلالة لمن ذهب إلى تعدّد الإسراء وأن الذي وقع بالمدينة غير الذي وقع بمكة لكن الإسراء الواقع وهو بالمدينة ليس فيه ما وقع بمكة من استفتاح أبواب السماوات بابًا بابًا إلى غير ذلك. (ورأيت سوادًا كثيرًا سدّ الأفق) أي ناحية السماء والسواد ضد البياض هو الشخص الذي يرى من بعيد ووصفه بالكثير إشارة إلى أن المراد الجنس لا الواحد (فقيل: هذا موسى في قومه). وفي حديث ابن مسعود عند أحمد حتى مرّ على موسى في كبكبة أي جماعة من بني إسرائيل فأعجبني فقلت من هؤلاء فقيل هو أخوك موسى معه بنو إسرائيل.

وقد ساق المؤلّف هذا الحديث هنا مختصرًا جدًّا وأخرجه مطوّلاً في الطب والرقاق، وأخرجه مسلم في الإيمان والترمذي في الزهد والنسائي في الطب.

٣٢ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ} -إِلَى قَوْلِهِ- {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: ١١]

(باب قول الله تعالى {وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون}) [التحريم: ١١]. هذا

مثل ضربه للمؤمنين أنهم لا يضرهم مخالطة الكافرين إذا كانوا محتاجين إليهم بحال آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومنزلتها عند الله مع أنها كانت تحت أعدى أعداء الله كما قال تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة} [آل عمران: ٢٨]. قال قتادة: كان فرعون أغنى أهل الأرض وأكفرهم فوالله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها ليعلموا أن الله حكم عدل لا يؤاخذ أحدًا إلا بذنبه.

وروي أنه لما غلب موسى السحرة قالت آسية: آمنت برب موسى وهارون، فلما تبين لفرعون إسلامها أوتد يديها ورجليها بأربعة أوتاد وألقاها في الشمس. قال سليمان: فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها فقالت: رب ابنِ لي عندك بيتًا في الجنة، فكشف الله لها عن بيتها في الجنة حتى رأته من درة فضحكت حين رأت بيتها وفرعون حاضر فقال: ألا تعجبون من جنونها إنّا نعذبها وهي تضحك ثم أمر بصخرة عظيمة تلقى عليها فانتزعت روحها ثم ألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه فلم تجد ألمًا. وقال الحسن وابن كيسان رفع الله امرأة فرعون إلى الجنة فهي تأكل وتشرب.

(إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>