أفضل من شرائه من مكة ثم من عرفة فإن لم يسقه أصلاً بل اشتراه من منى جاز وحصل أصل الهدي، (ثم قدم) بفتح القاف وكسر الدال مكة (فطاف) بالكعبة (لهما) أي للحج والعمرة (طوافًا واحدًا) وسعى سعيًا واحدًا (فلم يحل) من إحرامه (حتى حلّ) وللحموي: أحل بزيادة ألف قبل الحاء وهي لغة مشهورة يقال: حل وأحل (منهما) أي من الحج والعمرة (جميعًا).
١٠٦ - باب مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ إِذَا أَهْدَى مِنَ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يَطْعُنُ فِي شِقِّ سَنَامِهِ الأَيْمَنِ بِالشَّفْرَةِ، وَوَجْهُهَا قِبَلَ الْقِبْلَةِ بَارِكَةً
(باب من أشعر وقلد) هديه (بذي الحليفة) ميقات أهل المدينة (ثم أحرم) بعد الإشعار والتقليد.
(وقال نافع) مولى ابن عمر بن الخطاب مما وصله مالك في موطئه: (كان ابن عمر ﵄ إذا أهدى من المدينة قلده) أي الهدي بأن يعلق في عنقه نعلين من النعال التي تلبس في الإحرام (وأشعره بذي الحليفة) من الإشعار بكسر الهمزة وهو لغة الإعلام وشرعًا ما هو مذكور
في قوله (يطعن) بضم العين أي يضرب (في شق) بكسر الشين المعجمة أي ناحية صفحة (سنامه) بفتح السين المهملة أي سنام الهدي (الأيمن) نعت لشق. وقال مالك: في الأيسر وهو الذي في الموطأ. نعم روى البيهقي عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يبالي في أي الشقين أشعر في الأيسر أو في الأيمن. قال: وإنما يقول الشافعي بما روي في ذلك عن النبي ﷺ يشير إلى حديث ابن عباس: أشعر النبي ﷺ في الشق الأيمن (بالشفرة) بفتح الشين المعجمة السكين العريضة بحيث يكشط جلدها حتى يظهر الدم (ووجهها) أي البدنة (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة (القبلة) أي في حالتي التقليد والإشعار حال كونها (باركة) ويلطخها بالدم لتعرف إذا ضلت وتتميز إذا اختلطت بغيرها فإن لم يكن لها سنام أشعر موضعه هذا مذهب الشافعية وهو ظاهر المدونة، وفي كتاب محمد: لا تشعر لأنه تعذيب فيقتصر فيه على ما ورد. وقال أبو حنيفة: الإشعار مكروه وخالفه صاحباه: فقالا: إنه سنّة، واحتج لأبي حنيفة بأنه مثلة وهي منهي غنها وعن تعذيب الحيوان.
وأجيب: بأن أخبار النهي عن ذلك عامة وأخبار الإشعار خاصة فقدمت. وقال الخطابي: أشعر النبي ﷺ بدنه آخر حياته ونهيه عن المثلة كان أول مقدمه المدينة مع أنه ليس من المثلة بل من باب آخر اهـ.
أي: بل هو كالختان والفصد وشق أذن الحيوان ليكون علامة وغير ذلك كالختان، وقد كثر تشنيع المتقدمين على أبي حنيفة ﵀ في إطلاقه كراهة الإشعار فقال ابن حزم في المحلى: هذه طامة من طوام العالم أن يكون مثلة شيء فعله رسول الله ﷺ أف لكل عقلٍ يتعقب حكم رسول الله ﷺ وهذه قولة لأبي حنيفة لا نعلم له فيها متقدمًا من السلف ولا موافقًا من فقهاء عصره إلا من قلدها اهـ.
وقد ذكر الترمذي عن أبي السائب قال: كنا عند وكيع فقال له رجل روي عن إبراهيم النخعي أنه قال: الإشعار مثلة فقال له وكيع: أقول لك أشعر رسول الله ﷺ وتقول قال إبراهيم ما أحقك أن تحبس اهـ.
وهذا فيه رد على ابن حزم حيث زعم أنه ليس لأبي حنيفة سلف في ذلك، وقد أجاب الطحاوي مختصرًا لأبي حنيفة فقال: لم يكره أبو حنيفة أصل الإشعار بل ما يفعل منه على وجه يخاف منه هلاك البدن كسراية الجرح لا سيما مع الطعن بالشفرة فأراد سدّ الباب عن العامة لأنهم لا يراعون الحد في ذلك، وأما من كان عارفًا بالسنة في ذلك فلا. وقد ثبت عن عائشة وابن عباس التخيير في الإشعار وتركه فدلّ على أنه ليس بنسك اهـ.
١٦٩٤ و ١٦٩٥ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ قَالَا "خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الْمَدِينَةِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ النَّبِيُّ ﷺ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ".
[الحديث
١٦٩٤ - أطرافه في: ١٨١١، ٢٧١٢، ٢٧٣١، ٤١٥٨، ٤١٧٨، ٤١٨١]
[الحديث ١٦٩٥ - أطرافه في: ٢٧١١، ٢٧٣٢، ٤١٥٧، ٤١٧٩، ٤١٨٠].
وبالسند قال: (حدّثنا أحمد بن محمد) هو فيما قاله الدارقطني ابن شبويه، وقال الحاكم أبو عبد الله هو المروزي المعروف بمرويه ورجح المزي هذا الثاني قال: (أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن) ابن شهاب (الزهري عن عروة بن الزبير) بن العوام (عن المسور) بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الواو (ابن مخرمة) بفتح الميمين وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء أمه عاتكة أخت عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، وكان مولده بعد الهجرة بسنتين، وقدم المدينة بعد الفتح سنة ثلاث ابن ست سنين. قال البغوي: حفظ عن النبي ﷺ أحاديث وحديثه