للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يكون على تقدير مضاف محذوف أي خير نساء زمانها مريم فيعود الضمير على مريم، وإنما جاز أن يرجع الضمير للدنيا وإن لم يجر لها ذكر لأنه يفسره الحال والمشاهدة. وقد رواه النسائي من حديث ابن عباس بلفظ: أفضل نساء أهل الجنة، وحينئذٍ فالمعنى خير نساء أهل الجنة مريم، وفي رواية خير نساء العالمين وهو كقوله تعالى: ﴿واصطفاك على نساء العالمين﴾ [آل عمران: ٤٢] وظاهره: أنها أفضل من جميع النساء، وقول من قال على عالمي زمانها ترك للظاهر.

قال القرطبي: خص الله تعالى مريم بما لم يؤته أحدًا من النساء، وذلك أن روح القدس كلمها وطهرها ونفخ في درعها، وليس هذا لأحد من النساء وصدقت بكلمات ربها ولم تسأل آية عندما بشرت كما سأل زكريا عن الآية، ولذلك سماها الله تعالى صديقة فقال: ﴿وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين﴾ [التحريم: ١٢] فشهد لها بالصديقية والتصديق والقنوت، ويحتمل أن يكون المراد كما قال الكرماني نساء بني إسرائيل أو من فيه مضمرة كما قال القاضي عياض:

(وخير نسائها) أي هذه الأمة (خديجة) أم المؤمنين. وهذا الحديث أخرجه أيضًا في فضل خديجة ومسلم في الفضائل والترمذي والنسائي في المناقب.

٤٦ - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ﴾ -إِلَى قَوْلِهِ- ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: ٤٥ - ٤٨]. ﴿يُبَشِّرُكِ﴾: وَيَبْشُرُكِ وَاحِدٌ. ﴿وَجِيهًا﴾: شَرِيفًا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَسِيحُ: الصِّدِّيقُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْكَهْلُ: الْحَلِيمُ. وَالأَكْمَهُ: مَنْ يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ يُولَدُ أَعْمَى.

(باب قول الله تعالى): سقط التبويب لأبي ذر فقول رفع وهو واضح (﴿إذ قالت الملائكة﴾) جبريل ﴿يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه﴾ [آل عمران: ٤٥] هو عيسى لوجوده بها وهو قول كن فهو من باب إطلاق السبب على المسبب ﴿اسمه المسيح﴾ مبتدأ أو خبر ﴿عيسى﴾ بدل أو عطف بيان ﴿ابن مريم﴾ صفة لعيسى على أن عيسى خبر مبتدأ محذوف، وإنما قيل ابن مريم والخطاب لها تنبيهًا على أنه يولد من غير أب إذ الأولاد تنسب إلى الآباء ولا تنسب إلى الأم إلا إذا فقد الأب (إلى قوله) تعالى: ﴿كن فيكون﴾ عقب الأمر من غير مهلة، وثبت قولها ﴿إن الله يبشرك﴾ إلى آخر (فيكون) لأبي ذر، وقال غيره بعد (﴿يا مريم﴾) إلى قوله (﴿فإنما يقول له كن فيكون﴾) [مريم: ٣٥] (﴿يبشرك﴾) مشددة (وبشرك) مخففة (واحد) في المعنى والثاني قراءة حمزة والكسائي والآخر قراءة الباقين. (﴿وجيهًا﴾) أي (شريفًا) في الدنيا بالنبوة وفي الآخرة بالشفاعة.

(وقال إبراهيم) النخعي فيما وصله سفيان الثوري في تفسيره: (المسيح الصدّيق) بكسر الصاد والدال المهملتين المشددتين، وقال غيره هو فعيل بمعنى فاعل فحوّل مبالغة فقيل لأنه يمسح الأرض بالسياحة أي يقطعها، وقيل لأنه يمسح ذا العاهة فيبرأ، وقيل بمعنى مفعول لأنه مسح بالبركة واللام فيه للغلبة.

(وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي (الكهل) في قوله تعالى ﴿ويكلم الناس في المهد وكهلاً﴾ [آل عمران: ٤٦] هو (الحليم) باللام وهذا فيه شيء، فقد قال أبو جعفر النحاس: إنه لا يعرف في اللغة. وقال في اللباب: الكهل من بلغ سن الكهولة، وأوّلها ثلاثون أو اثنتان وثلاثون أو ثلاث وثلاثون أو أربعون وآخرها خمسون أو ستون، ثم يدخل في سن الشيخوخة، فلعل مجاهدًا فسّره بلازمه الغالب لأن الكهل غالبًا يكون فيه وقار وسكينة، وهل كهلاً نسق على وجيهًا أو حال من الضمير في يكلم أي يكلمهم حال كونه طفلاً وكهلاً كلام الأنبياء من غير تفاوت؟ قال في الفتح: وعلى الأول يتجه تفسير مجاهد.

(والأكمه) في قوله ﴿وأبرئ الأكمه﴾ [آل عمران: ٤٩] (من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي وهو قول شاذ، والمعروف أن ذلك هو الأعشى. (وقال غيره): غير مجاهد الأكمه (من يولد أعمى) وهذا قول الجمهور، وقال ابن عباس: من ولد مطموس العين، وقال عكرمة: الأعمش.

٣٤٣٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ : فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ. كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ».

وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عمرو بن مرة) المرادي الأعمى أنه (قال: سمعت مرة) بن شراحيل (الهمداني) بفتح الهاء وسكون الميم وبالدال المهملة الكوفي (يحدث عن أبي موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري قال: قال النبي ):

(فضل عائشة) بنت الصديق (على النساء) أي نساء هذه الأمة (كفضل الثريد) بالمثلثة (على سائر الطعام) لأنه أفضل طعام العرب لنفعه والشبع منه وسهولة مساغه والالتذاذ

<<  <  ج: ص:  >  >>