للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مذهبين حكاهما أبو حيان في شرح التسهيل، ولعل أصلهما أن الشرط مع الجزاء أو متقدم عليه، وهذا يدل على أن التعقيب، إن قلنا به، فليس من الفاء، وإنما هو من ضرورة تقدم الشرط على الجزاء، والله أعلم انتهى.

(وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا) مفعول فارفعوا محذوف كمفعول فاركعوا، (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد) بغير واو، وفي السابقة بإثباتها، وهما سواء كما قال أصحابنا، نعم في رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: ولك الحمد، بالواو، وهو يتعلق بما قبله أي: سمع الله لمن حمده، يا ربنا فاستجب حمدنا ودعاءنا، ولك الحمد على هدايتنا. (وإذا سجد فاسجدوا).

٧٣٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ».

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال: قال النبي) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر) تكبيرة الإحرام أو غيرها (فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد) بالواو أي بعد أن تقولوا: سمع الله لمن حمده، كما ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام. وإن كان ظاهر الحديث أن المأموم لا يزيد على: ربنا ولك الحمد، لكن ليس فيه حصر (وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلّى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون) بالرفع توكيد للضمير في فصلوا، أو للضمير المستكن في الحال. وهو جلوسًا.

وقيل روي: أجمعين بالنصب على الحال من ضمير جلوسًا لا مؤكدًا لجلوسًا لأنه نكرة فلا يؤكد. وردّ كونه حالاً بأن المعنى ليس عليه، وأنه لم يجيء في أجمعين إلا التأكيد في المشهور. لكن أجاز ابن درستويه حالية: أجمعين، وعليه يتخرج رواية النصب إن ثبتت، والأصح على تقدير ثبوتها أنها على بابها للتوكيد، لكن توكيدًا لضمير منصوب مقدّر كأنه قال: أعنيكم أجمعين. ولا يخفى ما فيه من البعد اهـ.

قلت ثبت فيما سبق في باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به، من رواية أبوي الوقت وذر: أجمعين بالنصب مع ما فيه. وهذا الحكم منسوخ بما ثبت في مرض موته.

يستفاد من ذلك وجوب متابعة الإمام. فيكبر للإحرام بعد فراغ الإمام منه، فإن شرع فيه قبل فراغه لم تنعقد، لأن الإمام لا يدخل في الصلاة إلاّ بالفراغ من التكبير، فالاقتداء به في أثنائه اقتداء بمن ليس في صلاة، بخلاف الركوع والسجود ونحوهما، فيركع بعد شروع الإمام في الركوع، فإن قارنه أو سبقه فقد أساء ولا تبطل، وكذا في السجود يسلم بعد سلامه، فإن سلم قبله بطلت إلا أن ينوي المفارقة، أو معه فلا تبطل، لأنه تحلل، فلا حاجة فيه للمتابعة بخلاف لسبق، فإنه منافٍ للاقتداء.

٨٣ - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى مَعَ الاِفْتِتَاحِ سَوَاءً

(باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح) بالتكبير أو بالصلاة، وهما متلازمان حال كون رفع اليدين مع الافتتاح (سواء).

٧٣٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ". [الحديث ٧٣٥ - أطرافه في: ٧٣٦، ٧٣٨، ٧٣٩].

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) إمام دار الهجرة (عن ابن شهاب) الزهري (عن سالم بن عبد الله عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يرفع يديه) استحبابًا (حذو منكبيه) بالحاء المهملة والذال المعجمة، أي إزاءهما ندبًا لا فرضًا، خلافًا لأحمد بن سيار المروزي فيما نقله القفال في فتاويه، وممن قال بالوجوب أيضًا الأوزاعي والحميدي شيخ المؤلّف، وابن خزيمة من أصحابنا، والمراد بحذو منكبيه، كما قاله النووي في شرح مسلم وغيره؛ أن تحاذي أطراف أصابعه أعلى أُذنيه، وإبهاماه شحمتى أُذنيه، وراحتاه منكبيه (إذا افتتح الصلاة) أي: يرفعهما مع ابتداء التكبير، ويكون انتهاؤه مع انتهائه كما هو الأصح عند الشافعية، ورجحه المالكية، وقيل: يرفع بلا تكبير، ثم يبتدئ التكبير مع إرسال اليدين وقبل أن يركع.

وقال صاحب الهداية من الحنفية: الأصح يرفع ثم يكبر، لأن الرفع صفة نفي الكبرياء عن غير الله، والتكبير إثبات ذلك له، والنفي سابق على الإثبات كما في كلمة الشهادة.

(وإذا كبر للركوع) رفعهما أيضًا (إذا رفع رأسه) أي أراد رفعها (من الركوع، رفعهما كذلك)

<<  <  ج: ص:  >  >>