رأيته في كثير من الأصول المعتمدة ورويته كسر النون وسكون العين وتخفيف الميم ومن حفظ غير ما ذكرته في رواية البخاري فهو حجة، وفاعل نعم ضمير مستتر فيها مفسر بقوله يحسن أي: نعما مملوك
(لأحدهم يحسن عبادة ربه وينصح لسيده) ولمسلم من طريق همام بن منبه عن أبي هريرة نعما للمملوك أن يتوفى يحسن عبادة الله وصحابة سيده نعما له وأما قول ابن مالك -رحمه الله تعالى- أن "ما" مساوية للضمير في الإبهام فلا تمييز لأن التمييز لبيان الجنس المميز عنه المراد شيء عفقال العلامة البدر الدماميني -رحمه الله تعالى- في المصابيح: إنه مدفوع بأن ما ليس مساويًا للضمير لأن ظيم قال: وموضع يحسن عبادة ربه الخ تفسير لما في المعنى فلا محل لها من الإعراب.
١٧ - باب كَرَاهِيَةِ التَّطَاوُلِ عَلَى الرَّقِيقِ، وَقَوْلِهِ عَبْدِي أَوْ أَمَتِي
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾، وَقَالَ: ﴿عَبْدًا مَمْلُوكًا﴾. ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾. وَقَالَ: ﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾. وَقَالَ النَّبِيّ: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ». وَ ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾: سَيِّدِكَ: وَ «وَمَنْ سَيِّدُكُمْ».
(باب كراهية التطاول) أي الترافع (على الرقيق و) كراهية (قوله) أي الشخص لمن يملكه من الرقيق (عبدى أو أمتي) كراهية تنزيه (و) يجوز أن يقول ذلك (قال الله تعالى) في سورة النور (﴿والصالحين من عبادكم وإمائكم﴾) [النور: ٣٢] و (قال) ﷿ في سورة النحل: (﴿عبدًا مملوكًا﴾) [النحل: ٧٥] وفي سورة يوسف ﵊ (﴿وألفيا سيدها لدى الباب﴾) [يوسف: ٢٥] و (قال) تعالى في سورة النساء: (﴿من فتياتكم المؤمنات﴾) [النساء: ٢٥] جمع فتاة وهي الأمة.
(وقال النبي "ﷺ") في حديث أبي سعيد عند المؤلّف في المغازي (قوموا إلى سيدكم) يشير إلى سعد بن معاذ مخاطبًا للأنصار كما سيأتي إن شاء الله تعالى في قصة قريظة وقد قال ﵊ في الحسن "إن ابني هذا سيد" (و) قال: يوسف ﵊ للذي ظن أنه ناجٍ (﴿اذكرني عند ربك﴾) [يوسف: ٤٢] أي (سيدك) ولأبي ذر واذكرني عند ربك عند سيدك أي اذكر حالي عند الملك كي يخلصني (و) قال ﷺ فيما أخرجه المؤلّف في الأدب الفرد من حديث جابر: (من سيدكم) يا بني سلمة؟ قالوا: الجدّ بن قيس بضم الجيم وتشديد الدال الحديث. وسقط قوله ومن سيدكم لأبوي ذر والوقت والنسفيّ، وقد دل ذلك على الجواز وحمله عليه جميع العلماء حتى الظاهرية.
٢٥٥٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِذَا نَصَحَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ».
وبه قال: (حدّثنا مسدد) بالمهملات وتشديد ما قبل الآخر ابن مسرهد أبو الحسن الأسدي البصري قال: (حدّثنا يحيى) القطان (عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب (قال: حدّثنى) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله) بن عمر (﵁) وعن أبيه (عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(إذا نصح العبد سيده) بما يجب له عليه من الخدمة ونحوها (وأحسن عبادة ربه كان له أجره مرتين) سماه عبدًا ومالكه سيده، ولا ريب أنه إذا قام بما عليه من طاعة ربه وخدمة سيده كره أن بتطاول عليه.
وهذا الحديث قد سبق قريبًا.
٢٥٥١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْمَمْلُوكُ الَّذِي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَالنَّصِيحَةِ وَالطَّاعَةِ، لَهُ أَجْرَانِ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن العلاء) بن كريب الهمداني الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد) بضم الموحدة مصغرًا ابن عبد الله (عن) جدّه (أبي بردة) الحرث (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري (﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(المملوك) ولأبي ذر للمملوك (الذي يحسن عبادة ربه ويؤدي إلى سيده الذي له عليه من الحق والنصيحة والطاعة) فيما يسوغ شرعًا (له أجران) خبر المبتدأ الذي هو المملوك، وسقط لفظ له من قوله له أجران من رواية أبي ذر وحينئذ فيكون قوله أجران مبتدأ وللمملوك خبره مقدمًا، ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة.
٢٥٥٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ. وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي مَوْلَاىَ. وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ. عَبْدِي، أَمَتِي. وَلْيَقُلْ: فَتَاىَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي».
وبه قال: (حدّثنا محمد) زاد ابن شبويه في روايته فقال محمد بن سلام وكذا حكاه الجياني عن رواية ابن السكن، وحكى عن الحاكم أنه الذهلي، وقد أخرجه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق فيحتمل أن يكون هو شيخ البخاري فيه فقد حدّث عنه في الصحيح أيضًا قاله في الفتح قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) بفتح اليمين وسكون العين المهملة بينهما ابن راشد (عن همام بن منبه) بكسر الموحدة (أنه سمع أبا هريرة ﵁ يحدث عن النبي ﷺ﴾) أنه (قال):
(لا يقل أحدكم) لمملوك غيره