للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصلاة والسلام مجيبًا له: (الحمو الموت) أي لقاؤه مثل لقاء الموت إذ الخلوة به تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية أو النفس إن وجب الرجم أو هلاك المرأة بفراق زوجها إذا حملته الغيرة على المرأة على طلاقها. والحمو قال النووي: المراد به هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه لأنهم محارم للزوجة ويجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت، وإنما المراد الأخ وابن الأخ ونحوهما ممن يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة، وقد جرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي فالشر به أكثر من الأجنبي، والفتنة به أمكن من الوصول إلى المرأة، والخلوة بها من غير نكير عليه بخلاف الأجنبي انتهى.

والحمو بفتح الحاء المهملة وسكون الميم بعدها واو فيهما ولأبي ذر الحم بضم الميم وإسقاط الواو فيهما بوزن أخ. وقال القرطبي: إن الذي في الحديث الحمؤ بالهمزة. وقال الخطابي: وزنه

وزن دلو بغير همز وهو الذي اقتصر عليه ابن الأثير وأبو عبيد قال الحافظ أبو الفضلَ بن حجر: والذي ثبت لنا في رواية البخاري حمو كدلو.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الاستئذان والترمذي في النكاح والنسائي في عِشرة النساء.

٥٢٣٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: «ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ».

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا عمرو) هو ابن دينار (عن أبي معبد) بفتح الميم والموحدة بينهما عين مهملة ساكنة نافذ بالنون والفاء والذال المعجمة مولى ابن عباس (عن ابن عباس) (عن النبي ) أنه (قال):

(لا يخلون رجل بامرأة) فإن الشيطان ثالثهما (إلا مع ذي محرم) لها فيجوز لانتفاء المحذور وحينئذٍ (فقام رجل فقال: يا رسول الله امرأتي خرجت حاجّة واكتتبت في غزوة كذا وكذا) أي كتبت نفسي في أسماء من عين لتلك الغزاة ولم أقف على تعيين هذه الغزوة ولا على اسم الرجل ولا زوجته (قال) (ارجع فحج مع امرأتك) وظاهره الوجوب وبه قال أحمد وهو وجه للشافعية، والمشهور أنه لا يلزمه الخروج وفيه كما قال النووي: تقديم الأهم من الأمور المتعارضة فإنه لما عرض له الغزو والحج رجح الحج لأن امرأته لا يقوم غيره مقامه في السفر معها بخلاف الغزو.

ومطابقة الترجمة لما ساقه من الحديثين صريحة في أحد الأمرين المترجم لهما، وأما الثاني فبطريق الاستنباط. وفي حديث جابر المروي عند الترمذي مرفوعًا: "لا تدخلوا على المغيبات فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم". وفي حديث ابن عمر مرفوعًا "لا يدخل رجل على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان" رواه مسلم. والحديث الثاني من حديثي الباب سبق في حج النساء من كتاب الحج مطوّلًا.

١١٢ - باب مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ

(باب ما يجوز أن يخلو الرجل) الأمين (بالمرأة) الأجنبية في ناحية (عند الناس) لتسأله عن بواطن أمرها في دينها وغيره من أحوالها سرًّا حتى لا يسمع الناس ذلك إذ هو من الامور التي تستحيي المرأة من ذكرها بين الناس وليس المراد أنه يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم.

٥٢٣٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ فَخَلَا بِهَا، فَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنَّكُنَّ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ».

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (محمد بن بشار) بفتح الموحدة والشين المعجمة المشددة ابن عثمان العبدي الملقب ببندار قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن هشام) هو ابن زيد بن أنس أنه (قال: سمعت أنس بن مالك ) أنه (قال: جاءت امرأة من الأنصار) قال الحافظ ابن حجر: لم أعرفها، وزاد بهز في فضائل الأنصار ومعها صبي لها (إلى النبي فخلا بها) رسول الله بحيث لا يسمع من حضر شكواها لا بحيث غاب عن أبصار من كان معه وفي مسلم أن امرأة كان في عقلها شيء قالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة فقال: "يا أم فلان انظري أيّ السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك" (فقال) لها :

(والله إنكن) بنون النسوة ولأبي ذر إنكم بالميم بدل النون (لأحب الناس إليّ) يريد الأنصار، وفيه فضيلة عظيمة لهم وأن مفاوضة الأجنبية سرًّا لا تقدح في الدين عند أمن الفتنة وسعة حلمه -صَلَّى اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>