للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كانوا يقولون بعد التلبية غفرانك وفيه أن الاستغفار أمان من العذاب.

وفي حديث فضالة بن عبيد الله عند الإمام أحمد مرفوعًا: العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله عز وجل. وتأملوا علوّ مرتبة الاستغفار وعظم موقعه كيف قرن حصوله مع وجود سيد العالمين في استدفاع البلاء. وعن ابن عباس ما رواه ابن أبي حاتم أن الله جعل في هذه الأمة أمانين لا يزالون معصومين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم، فأمان قبضه الله إليه، وأمان بقي فيكم ثم تلا الآية. وروى ابن جرير أنهم لما قالوا ما قالوا ثم أمسوا ندموا فقالوا: غفرانك اللهم فأنزل الله: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} وسقط لغير أبي ذر قوله: باب قوله وثبت له.

٤٦٤٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَمَا لَهُمْ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآيَةَ.

وبه قال: (حدّثنا محمد بن النضر) بن عبد الوهاب أخو أحمد السابق قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (عبيد الله بن معاذ) بتصغير عبد قال: (حدّثنا أبي) معاذ العنبري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الحميد) بن دينار (صاحب الزيادي) أنه (سمع أنس بن مالك قال: قال أبو جهل): لما قال النضر بن الحارث إن هذا إلا أساطير الأولين ({اللهم إن كان هذا}) يريد القرآن ({هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}) فنزلت: ({وما كان ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}) وليس المراد نفي مطلق العذاب عنهم بل هم بصدده إذا هاجر عليه الصلاة والسلام عنهم كما يدل له قوله: ({وما لهم}) استفهام بمعنى التقرير ({أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} الآية) "ما" في وما لهم استفهام بمعنى التقرير و"أن" في أن لا يعذبهم الظاهر أنها مصدرية وموضعها نصب أو جر لأنها على حذف حرف الجر والتقدير في أن لا يعذبهم وهذا الجار يتعلق بما تعلق به لهم من الاستقرار والمعنى، وأي مانع فيهم من العذاب وسببه واقع وهو صدهم المسلمين عن المسجد الحرام عام الحديبية وإخراجهم الرسول والمؤمنين إلى الهجرة فالعذاب واقع لا محالة بهم، فلما خرج الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بين أظهرهم أوقع الله بهم بأسه يوم بدر فقتل صناديدهم وأسر سراتهم.

٥ - باب {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ} [الأنفال: ٣٩]

({وقاتلوهم}) حث للمؤمنين على قتال الكفار وفي بعض النسخ باب قوله: {وقاتلوهم} ونسب لأبي ذر ({حتى لا تكون فتنة}) أي إلى أن لا يوجد فيهم شرك قط ({ويكون الدين كله

لله}) [الأنفال: ٣٩]. ويضمحل عنهم كل دين باطل وسقط ويكون الدين الخ لغير أبي ذر.

٤٦٥٠ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ لَا تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلَا أُقَاتِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} إِلَى آخِرِهَا قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ كَانَ الإِسْلَامُ قَلِيلًا، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا يُوثِقُوهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا قَوْلِي فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ أَمَّا عُثْمَانُ فَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَتَنُهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَهَذِهِ ابْنَتُهُ أَوْ بِنْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ.

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (الحسن بن عبد العزيز) الجروي بالجيم والراء المفتوحتين المصري نزيل بغداد قال: (حدّثنا عبد الله بن يحيى) المعافري بفتح الميم والعين المهملة وكسر الفاء وبعدها راء البرلسي قال: (حدّثنا حيوة) بفتح الحاء المهملة والواو بينهما تحتية ساكنة ابن شريح بالمعجمة أوله والمهملة آخره (عن بكر بن عمرو) بفتح الموحدة والعين المعافري (عن بكير) بضم الموحدة مصغرًا ابن عبد الله الأشج (عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلًا) هو حبان بالموحدة صاحب الدثنية أو العلاء بن عرار بمهملات الأولى مكسورة أو نافع بن الأزرق أو الهيثم بن حنش (جاءه) زاد في البقرة في فتنة ابن الزبير (فقال) له: (يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه: ({وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا}) [الحجرات: ٩] باغين بعضهم على بعض (إلى آخر الآية فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟) كلمة "لا" زائدة كهي في قوله: ما منعك أن لا تسجد وكان لم يقاتل في حرب من الحروب الواقعة بين المسلمين كصفين والجمل ومحاصرة ابن الزبير (فقال: يا ابن أخي أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إليّ من أن اغتر بهذه الآية التي يقول الله تعالى) فيها: ({ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا}) [النساء: ٩٣] (إلى آخرها) اغتر في هذين الموضعين بالغين المعجمة والفوقية من الاغترار أي تأويل هذه الآية {وإن طائفتان} أحب من تأويل الأخرى {ومن يقتل مؤمنًا} التي فيها تغليظ شديد وتهديد عظيم، ولأبي ذر عن الكشميهني أعير بضم الهمزة وفتح العين المهملة وتشديد

<<  <  ج: ص:  >  >>