فقال إنما الظالم في الدّيون التي حملت في البغي والإسراف فأما المتعفف ذو العيال فأنا ضامن له أؤدّي عنه فصلّى عليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال بعد ذلك: "من ترك ضياعًا" الحديث. قال الحافظ ابن حجر: وهو حديث ضعيف، وقال الحازمي: لا بأس به في المتابعات ففيه أنه السبب فى قوله عليه الصلاة والسلام: من ترك دينًا فعلي فهو ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين.
حديث الباب أخرجه أيضًا في النفقات، ومسلم في الفرائض، والترمذي في الجنائز.
بسم الله الرحمن الرحيم
[٤٠ - كتاب الوكالة]
(بسم الله الرحمن الرحيم).
(كتاب الوكالة) بفتح الواو ويجوز كسرها وهي في اللغة التفويض وفي الشرع تفويض شخص أمره إلى آخر فيما يقبل النيابة والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه} [الكهف: ١٩] وقوله تعالى: {اذهبوا بقميصي هذا} [يوسف: ٩٣] وهو شرع من قبلنا وورد في شرعنا ما يقرره كقوله تعالى: {فابعثوا حكمًا من أهله} [النساء: ٣٥] الآية وفي رواية أبي ذر تقديم كتاب على البسملة.
١ - باب وَكَالَةُ الشَّرِيكِ الشَّرِيكَ فِي الْقِسْمَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ أَشْرَكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِسْمَتِهَا
هذا (باب) بالتنوين (في وكالة الشريك) ولأبي ذر: سقوط الباب وحرف الجر ولفظه كتاب الوكالة وكالة الشريك. قال الحافظ ابن حجر: وللنسفي كتاب الوكالة ووكالة الشريك بواو العطف ولغيره باب بدل الواو (الشريك في القسمة) بدل من الشريك الأول، وفي نسخة الشريك بالرفع على الاستئناف وفي أخرى الشريك بالنصب (وغيرها) أي والشريك في غير القسمة. (وقد أشرك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليًّا) هو ابن أبي طالب (في هديه) وهذا وصله المؤلّف في الشركة من حديث جابر بلفظ أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر عليًّا أن يقيم على إحرامه وأشركه في الهدي (ثم أمره بقسمتها) أي الهدايا.
وهذا وصله أيضًا في الحج من حديث عليّ بلفظ أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمره أن يقوم على بدنه وأن يقسم بدنه كلها.
٢٢٩٩ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلَالِ الْبُدْنِ الَّتِي نُحِرَتْ وَبِجُلُودِهَا".
وبه قال: (حدّثنا قبيصة) بن عقبة العامري الكوفي السوائي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن ابن أبي نجيح) عبد الله (عن مجاهد) هو ابن جبر الإمام في التفسير (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) الأنصاري المدني (عن علي -رضي الله عنه-) أنه (قال):
(أمرني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن أتصدق بجلال البدن) بسكون الدال المهملة بعد الموحدة المضمومة جمع بدنة والجلال بكسر الجيم جمع جلّ ما تلبسه الدابة (التي نحرت وبجلودها) بضم النون وكسر الحاء وفتح الراء وسكون التاء على البناء للمفعول والتاء للتأنيث ويجوز فتح النون والحاء وسكون الراء وضم التاء مبنيًا للفاعل والضمير للفاعل، والمراد به عليّ -رضي الله عنه-.
ومطابقته للترجمة من كونه عليه الصلاة والسلام أشركه.
وهذا الحديث قد سبق في الحج وذكر هنا طرفًا منه.
٢٣٠٠ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ضَحِّ أَنْتَ". [الحديث ٢٣٠٠ - أطرافه في: ٢٥٠٠، ٥٥٤٧، ٥٥٥٥].
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن خالد) بفتح العين ابن فرّوخ الحرّاني الجزري نزيل مصر قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن يزيد) بن أبي حبيب (عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله بفتح الميم والمثلثة بينهما راء ساكنة وآخره دال مهملة (عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطاه غنمًا) للضحايا (يقسمها على صحابته) بعد أن وهب جملتها لهم (فبقي عتود) بفتح العين المهملة وضم المثناة الفوقية وبعد الواو الساكنة دال مهملة الصغير من المعز إذا قوي أو إذا أتى عليه حول (فذكره للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: ضحّ أنت) ولأبي ذر: ضحّ به أنت وعلم منه أنه كان من جملة من كان له نصيب من هذه القسمة فكأنه كان شريكًا لهم وهو الذي تولى القسمة بينهم، لكن استشكله ابن المنير باحتمال أن يكون -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهب لكل واحد من المقسوم فيهم ما صار إليه فلا تتجه الشركة. وأجاب بأنه سيأتي الحديث في الأضاحي من طريق أخرى بلفظ أنه قسم بينهم ضحايا قال فدلّ على أنه عيّن تلك الغنم للضحايا فوهب لهم جملتها ثم أمر عقبة بقسمتها فيصح الاستدلال به لما ترجم له.
قال في المصابيح: ينبغي أن يضاف إلى ذلك أن عقبة كان وكيلاً على القسم بتوكيل شركائه في تلك الضحايا التي قسمها حتى يتوجه إدخال حديثه في ترجمة وكالة الشريك