إبراهيم بن عبد الرحمن) السكسكي الكوفي (عن عبد الله بن أبي أوفى) الأسلمي (-رضي الله عنه- أن رجلاً) لم يسم (أقام سلعة) أي روّجها من قولهم قامت السوق أي راجت ونفقت (وهو في السوق) الواو للحال (فحلف بالله) يحتمل أن يكون بالله هو اليمين وقوله (لقد) جوابه وأن يكون صلة للحلف ولقد جواب القسم المحذوف أي فقال والله (أعطى) بفتح الهمزة والطاء (بها) أي بدل السلعة (ما لم يعط) بضم التحتية وكسر الطاء مبنيًّا للفاعل كالسابق، والمعنى أنه يحلف لقد دفع فيها من ماله ما لم يكن دفعه ولأبي ذر أعطي بها ما لم يعط بضم الهمزة
وكسر الطاء في الأول وفتح الطاء في الثاني مبنيًّا للمفعول فيهما يعني لقد دفع له فيها من قبل المستامين ما لم يكن أحد دفعه فهو كاذب في الوجهين (ليوقع فيها) أي في سلعته (رجلاً من المسلمين) ممن يريد الشراء، (فنزلت) هذه الآية ({إن الذين يشترون}) أي يستبدلون ({بعهد الله}) بما عاهدوا عليه من الإيمان بالرسول والوفاء بالأمانات ({وأيمانهم ثمنًا قليلاً}) [آل عمران: ٧٧] متاع الدنيا زاد أبو ذر الآية إلى آخرها {أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله} أي كلام لطف بهم ولا ينظر إليهم بعين الرحمة ولا يزكيهم من الذنوب والأدناس.
وفي حديث أبى ذر عند الإمام أحمد رفعه: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم" قلت يا رسول الله: من هم خسروا وخابوا. قال: وأعاد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاث مرات. قال: "المسبل إزاره والمنفق سلعته بالحلف الكاذب والمنّان" ورواه مسلم وأصحاب السنن من طريقه. وقيل: نزلت في ترافع كان بين أشعث بن قيس ويهوديّ في بئر أو أرض وتوجه الحلف على اليهودي رواه أحمد وروى الإمام أحمد أيضًا وقال الترمذي حسن صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل منع ابن السبيل فضل ماء عنده، ورجل حلف على سلعته بعد العصر يعني كاذبًا، ورجل بايع إمامًا فإن أعطاه وفى له وإن لم يعطه لم يفِ". وقيل نزلت في أحبار حرّفوا التوراة وبدلوا نعت محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحكم الأمانات وغيرهما وأخذوا على ذلك رشوة.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في التفسير والشهادات وهو من أفراده.
٢٨ - باب مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ
وَقَالَ طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا» وَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَاّ الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ فَقَالَ: إِلَاّ الإِذْخِرَ».
(باب ما قيل في الصوّاغ) بفتح المهملة وتشديد الواو وبعد الألف غين معجمة.
(وقال طاوس) فيما وصله المؤلّف في باب لا ينفر صيد الحرم من كتاب الحج (عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه قال: (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عن مكة.
(لا يختلى) بضم أوله وسكون المعجمة أي لا يقطع (خلاها) بفتح الخاء المعجمة مقصورًا حشيشها الرطب. (وقال العباس: إلا الإذخر) بهمزة مكسورة فمعجمة ساكنة فمعجمة مكسورة حشيشة معروفة طيبة الريح تنبت بالحجاز (فإنّه لقينهم) بفتح القاف وسكون المثناة التحتية وبالنون وهو يطلق على الحداد والصائغ كما قاله ابن الأثير وغيره (وبيوتهم فقال) عليه الصلاة والسلام: (إلا الإذخر).
٢٠٨٩ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ -رضي الله عنهما- أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: "كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمْسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرُسِي". [الحديث ٢٠٨٩ - أطرافه في: ٢٣٧٥، ٣٠٩١، ٤٠٠٣، ٥٧٩٣].
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان الأزدي قال: (أخبرنا عبد الله) ابن المبارك قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (عليّ بن حسين) بغير ألف ولام، ولابن عساكر: الحسين (أن) أباه (حسين بن علي -رضي الله عنهما- أخبره أن) أباه (عليًّا) هو ابن أبي طالب (قال: كانت لي شارف) بشين معجمة وبعد الألف راء ثم فاء أي مسنّة من الإبل (من نصيبي من المغنم) من بدر (وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطاني) قبل يوم بدر (شارفا من الخمس) بضم الخاء المعجمة والسين المهملة من غنيمة عبد الله بن جحش لما بعثه عليه الصلاة والسلام إلى نخلة في رجب، وقتل عمرو بن الحضرمي واستاق العير وكانت أول غنيمة في الإسلام فقسمها ابن جحش وعزل الخمس قبل أن يفرض، وقيل بل قدم بالغنيمة كلها فقال