للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالإرشاد والتعليم وصرف المال ودعاء الخير وغير ذلك لينال حظًّا من هذه الصفة. قال القشيري أبو القاسم: من عرف أن الله هو الرزاق أفرده بالقصد إليه وتقرب إليه بدوام التوكل عليه أرسل الشبلي إلى غني أن ابعث إلينا شيئًا من دنياك فكتب إليه سل دنياك من مولاك، فكتب إليه الشبلي الدنيا حقيرة وأنت حقير وإنما أطلب الحقير من الحقير ولا أطلب من مولاي غير مولاي، فسمت همته العلية أن لا يطلب من الله تعالى الأشياء الخسيسة.

ومناسبة الآية للحديث اشتماله على صفتي الرزق والقوة الدالة على القدرة، أما الرزق فمن قوله ويرزقهم، وأما القوة فمن قوله اصبر فإن فيه إشارة إلى القدرة على الإحسان إليهم مع إساءتهم بخلاف طبع البشر فإنه لا يقدر على الإحسان إلى المسيء إلا من جهة تكليفه ذلك شرعًا قاله ابن المنير.

وسبق الحديث في الأدب في باب الصبر على الأذى.

٤ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: ٢٦] وَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: ٣٤] وَ {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: ١٦٦] وَ {مَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَاّ بِعِلْمِهِ} [فاطر: ١١] {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} [فصلت: ٤٧].

قَالَ يَحْيَى الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا وَالْبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ عِلْمًا.

(باب قول الله تعالى: {عالم الغيب}) خبر مبتدأ محذوف أي هو عالم الغيب ({فلا يظهر}) فلا يطلع ({على غيبه أحدًا} [الجن: ٢٦]) من خلقه إلا من ارتضى من رسول أي إلا رسولاً قد ارتضاه لعلم بعض الغيب ليكون إخباره عن الغيب معجزة له فإنه يطلعه على غيبه ما شاء ومن رسول بيان لمن ارتضى. قال في الكشاف: وفي هذه الآية إبطال الكرامات لأن الذين تضاف إليهم الكرامات وإن كانوا أولياء مرتضين فليسوا برسل وقد خص الله الرسل من بين المرتضين بالاطلاع على الغيب اهـ.

وأجيب: بأن قوله على غيبه لفظ مفرد ليس فيه صيغة العموم فيكفي أن يقال: إن الله لا يظهر على غيب واحد من غيوبه أحدًا إلا الرسل فيحمل على وقت وقوع القيامة فكيف وقد ذكرها عقب قوله أقريب أم بعيد ما توعدون؟ وتعقب بأنه ضعيف لأن الرسل أيضًا لم يظهروا على ذلك.

وقال البيضاوي: جوابه تخصيص الرسول بالملك والإظهار بما يكون من غير واسطة وكرامات الأولياء على المغيبات إنما تكون تلقيًا عن الملائكة كاطلاعنا على أحوال الآخرة بتوسط الأنبياء.

وقال الطيبي: الأقرب تخصيص الاطلاع بالضعف والخفاء فإن اطلاع الله الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم على الغيب أمكن وأقوى من إطلاعه الأولياء يدل على حرف الاستعلاء في قوله: على غيبه فضمن يظهر معنى يطلع أي فلا يظهر الله على غيبه إظهارًا تامًّا وكشفًا جليًّا إلا من ارتضى من رسول، فإن الله تعالى إذا أراد أن يطلع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الغيب يوحي إليه أو يرسل إليه الملك. وأما كرامات الأولياء فهي من قبيل التلويحات واللمحات أو من جنس إجابة دعوة وصدق فراسة فإن كشف الأولياء غير تام كالأنبياء.

(و) باب قول الله تعالى: ({إن الله عنده علم الساعة} [لقمان: ٣٤]) أي وقت قيامها (و) قوله تعالى: ({أنزله بعلمه} [النساء: ١٦٦]) أي أنزله وهو عالم بأنك أهل بإنزاله إليك وأنك مبلغه أو أنزله بما علم من مصالح العباد وفيه نفي قول المعتزلة في إنكار الصفات فإنه أثبت لنفسه العلم وقوله تعالى: ({وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} [فاطر: ١١]) هو في موضع الحال أي إلا معلومة له، وقوله تعالى: ({إليه يردّ علم الساعة} [فصلت: ٤٧]) أي علم قيامها يردّ إليه أي يجب على المسؤول أن يقول الله أعلم بذلك.

(قال يحيى بن زياد): الفراء المشهور في كتاب معاني القرآن له (الظاهر على كل شيء علمًا والباطن على كل شيء علمًا) وقال غيره: الظاهر الجلي وجوده بآياته الباهرة في أرضه وسمائه والباطن المحتجب كنه ذاته عن نظر العقل بحجب كبريائه، وقيل الظاهر بالقدرة والباطن عن الفكرة، وقيل الظاهر بلا اقتراب والباطن بلا احتجاب. وقال الشيخ أبو حامد: اعلم أنه إنما خفي مع ظهوره لشدة ظهوره وظهوره سبب بطونه ونوره هو حجاب نوره، وقيل: الظاهر بنعمته

والباطن برحمته. وقيل: الظاهر بما يفيض عليك من العطاء والنعماء، والباطن بما يدفع عنك من البلاء. وقيل: الظاهر لقوم فلذلك وحّدوه والباطن عن قوم فلذلك جحدوه.

٧٣٧٩ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَاّ اللَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلَاّ اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ إِلَاّ اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِى الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلَاّ اللَّهُ، وَلَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلَاّ اللَّهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَاّ اللَّهُ».

وبه قال: (حدّثنا خالد بن مخلد) القطواني الكوفي قال: (حدّثنا سليمان بن بلال) أبو محمد مولى الصديق قال: (حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن دينار) المدني مولى ابن عمر (عن ابن عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>