للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومناسبة قوله فأنزل الله تصديقها الخ … للترجمة أن التبليغ على نوعين: أحدهما: هو الأصل أن يبلغه بعينه وهو خاص بالقرآن. الثاني: أن يبلغ ما يستنبط من أصول ما تقدم إنزاله فينزل عليه موافقته فيما استنبطه إما بنصه وإما بما يدل على موافقته بطريق الأولى كهذه الآية فإنها اشتملت على الوعيد الشديد في حق من أشرك وهي مطابقة بالنص، وفي حق من قتل النفس بغير حق وهي مطابقة للحديث بطريق الأولى لأن القتل بغير حق وإن كان عظيمًا لكن قتل الولد أقبح من قتل من ليس بولد وكذا القول في الزنا فإن الزنا بحليلة الجار أعظم قبحًا من مطلق الزنا، ويحتمل أن يكون

إنزال هذه الآية سابقًا على إخباره بما أخبر به لكن لم يسمعه الصحابي إلا بعد ذلك، ويحتمل أن يكون كلٌّ من الأمور الثلاثة نزل تعظيم الإثم فيه سابقًا، ولكن اختصت هذه الآية بمجموع الثلاثة في سياق واحد مع الاقتصار عليها فيكون المراد بالتصديق الموافقة في الاقتصار عليها فعلى هذا فمطابقة الحديث للترجمة ظاهرة جدًّا والله أعلم.

٤٧ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا﴾ [آل عمران: ٩٣] وَقَوْلِ النَّبِيِّ : «أُعْطِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا وَأُعْطِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ». وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ ﴿يَتْلُونَهُ﴾ [البقرة: ١٢١]: يَتَّبِعُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، يُقَالُ يُتْلَى: يُقْرَأُ حَسَنُ التِّلَاوَةِ حَسَنُ الْقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ. ﴿لَا يَمَسُّهُ﴾ [الواقعة: ٧٩]: لَا يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إِلاَّ مَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ وَلَا يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلاَّ الْمُوقِنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: ٥] وَسَمَّى النَّبِىُّ الإِسْلَامَ وَالإِيمَانَ عَمَلاً، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِىُّ لِبِلَالٍ: «أَخْبِرْنِى بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِى الإِسْلَامِ»؟ قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِى أَنِّى لَمْ أَتَطَهَّرْ إِلاَّ صَلَّيْتُ وَسُئِلَ أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ الْجِهَادُ ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ».

(باب قول الله تعالى: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا﴾ [آل عمران: ٩٣]) فاقرؤوها فالتلاوة مفسرة بالعمل والعمل من فعل العامل (و) باب (قول النبي : أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها وأعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به وأعطيتم القرآن فعملتم به) وصله في آخر هذا الباب لكن بلفظ أوتي في الموضعين وأوتيتم.

(وقال أبو رزين) براء ثم زاي بوزن عظيم مسعود بن مالك الأسدي الكوفي التابعي الكبير في قوله تعالى: (﴿يتلونه﴾ [البقرة: ١٢١]) أي حق تلاوته كما في رواية أبي ذر (يتبعونه ويعملون به حق عمله) وصله سفيان الثوري في تفسيره (يقال: يتلى) أي (يقرأ) قاله أبو عبيدة في المجاز في قوله تعالى: ﴿إنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم﴾ [العنكبوت: ٥١] (حسن التلاوة) أي (حسن القراءة للقرآن) وكذا يقال رديء التلاوة أي القراءة ولا يقال حسن القرآن ولا رديء القرآن وإنما يسند إلى العباد القراءة لا القرآن لأن القرآن كلام الله والقراءة فعل العبد.

(﴿لا يمسه﴾) من قوله تعالى: ﴿لا يمسه إلا المطهرون﴾ [الواقعة: ٧٩] أي (لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن) أي المطهرون من الكفر (ولا يحمله بحقه إلا الموقن) ولأبي ذر وابن عساكر إلا المؤمن بدل الموقن بالقاف أي بكونه من عند الله المتطهر من الجهل والشك (لقوله تعالى: ﴿مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا بئس مثل القوم الذين

كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين﴾ [لجمعة: ٥] وسمى النبي الإسلام والإيمان) وزاد أبو ذر والصلاة (عملاً) في حديث سؤال جبريل السابق مرارًا. وفي الحديث المعلق في الباب.

(قال أبو هريرة: قال النبي لبلال: أخبرني بأرجى عمل) بفتح الميم (عملته) بكسرها (في الإسلام. (قال) يا رسول الله (ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر) طهورًا في ساعة من ليل أو نهار (إلا صليت) أي بذلك الطهور ركعتين كما في بعض الروايات ودخول هذا الحديث هنا من جهة أن الصلاة لا بدّ فيها من القراءة. والحديث سبق في غير مرة.

(وسئل) النبي (أي العمل أفضل)؟ أيّ أكثر ثوابًا عند الله (قال: إيمان بالله ورسوله ثم الجهاد) في سبيل الله (ثم حج مبرور) مقبول لا يخالطه إثم.

والحديث سبق موصولاً في الإيمان في باب من قال: إن الإيمان هو العمل فجعل الإيمان والجهاد والحج عملاً.

٧٥٣٣ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: هَؤُلَاءِ أَقَلُّ مِنَّا عَمَلاً وَأَكْثَرُ أَجْرًا قَالَ: اللَّهُ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ».

وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (سالم) هو ابن عمر (عن ابن عمر) أبيه (أن رسول الله قال):

(إنما بقاؤكم فيمن سلف من الأمم كما بين) أجزاء وقت (صلاة العصر) المنتهية (إلى غروب الشمس أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا) عن استيفاء عمل النهار كله بأن ماتوا قبل النسخ (فأعطوا قيراطًا قيراطًا) بالتكرار مرتين

<<  <  ج: ص:  >  >>