زائدة أي كافيك (أن تصوم كل شهر) في محل رفع خبر أن. قال في المصابيح: وينبغي أن يكون هذا الإعراب متعينًا ويؤخذ منه صحة ما ذهب إليه ابن مالك في قولك بحسبك زيد أن حسبك مبتدأ وزيد خبر وأنه من باب الإخبار بالمعرفة عن النكرة لأن حسبك لا يتعرف بالإضافة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: من كل شهر، وله عن الكشميهني في كل شهر (ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر فإذن بالنون في الفرع وأصله وفي غيرهما بالألف منوّنة وعليه الجمهور ورسم المصحف وقال بالأوّل المازني والمبرد، وقال الفراء: إن عملت كتبت بالألف وإلا كتبت بالنون للفرق بينها وبين إذا وتبعه ابن خروف. قال في القاموس: ويحذفون الهمزة فيقولون ذن والأكثر أن تكون جوابًا لأن أو لو ظاهرتين أو مقدرتين والمقدر هنا أن أي أن صمتها فإذا (ذلك صيام الدهر كله) قال الحافظ ابن حجر وغيره: إذا بغير تنوين للمفاجأة. قال العيني: تقديره إن صمت ثلاثة أيام من كل شهر
فاجأت عشر أمثالها كما في قوله تعالى:{ثم إذا دعاكم}[الروم: ٢٥] الآية تقديره ثم إذا دعاكم فاجأتم الخروج في ذلك الوقت قال عبد الله: (فشددت) على نفسي (فشدد عليّ) بضم الشين مبنيًّا للمفعول (قلت: يا رسول الله إني أجد قوّة) على أكثر من ذلك (قال) عليه الصلاة والسلام: إن كنت تجد قوّة. (فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه)(قلت وما كان صيام نبي الله داود عليه الصلاة والسلام؟ قال) عليه الصلاة والسلام: كان صيامه (نصف) صوم (الدهر) وهو أن يفطر يومًا ويصوم يومًا. (وكان عبد الله) بن عمرو بن العاصي (يقول بعد ما كبر): بكسر الموحدة أي وعجز عن المحافظة على ما التزمه ووظفه على نفسه وشق عليه (يا ليتني قبلت رخصة -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وأخذت بالأخف.
٥٦ - باب صَوْمِ الدَّهْرِ
(باب) بيان حكم (صوم الدهر) هل هو مشروع أم لا؟ ومذهب الشافعية استحبابه لإطلاق الأدلة ولأنه-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:"من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا وعقد بيده" أخرجه أحمد والنسائي وابنا خزيمة وحبان والبيهقي أي عنه فلم يدخلها. قال الغزالي: لأنه لما ضيق على نفسه مسالك الشهوات بالصوم ضيق الله عليه النار فلا يبقى له فيها مكان لأنه ضيق طرقها بالعبادة فإن خاف ضررًا أو فوت حق كره صومه وهل المراد الواجب أو المندوب؟ قال السبكي: ويتجه أن يقال أنه إن علم أنه يفوّت حقًا واجبًا حرم وإن علم أنه يفوت حقًا مندوبًا أولى من الصيام كره وإن كان يقوم مقامه فلا.
وبالسند قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاصي (قال: أخبر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم الهمزة وسكون المعجمة وكسر الموحدة مبنيًا للمفعول ورسول الله رفع نائب عن الفاعل (إني أقول: والله لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ما عشت)، أي مدة حياتي. (فقلت له): عليه الصلاة والسلام فيه
كلام مطويّ تقديره فقال لي عليه الصلاة والسلام: أنت تقول والله لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ما عشت، ولمسلم: أنت الذي تقول ذلك فقلت له: (قد) ولأبي الوقت: فقد (قلته بأبي أنت وأمي) أي أفديك بهما (قال) عليه الصلاة والسلام.
(فإنك لا تستطيع ذلك) الذي قلته من صيام النهار وقيام الليل لحصول المشقة وإن لم يتعذر الفعل أو بأن تبلغ من العمر ما يتعذر معه ذلك وعلمه عليه الصلاة والسلام بطريق ما أو المراد لا تستطيع ذلك مع القيام ببقية المصالح الشرعية شرعًا (فصم وأفطر)، بهمزة قطع (وقم ونم)، ثم بين ما أجمل فقال (وصم من الشهر ثلاثة أيام) لم يعينها ثم علل وجه كونها ثلاثة بقوله (فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر) استشكل هذا من جهة أن القواعد تقتضي أن المقدر لا يكون كالمحقق وأن الأجور تتفاوت