للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا قائل بوجوب التطوع، فتعيّن أن يكون المراد إلا أن تشرع في تطوّع فيلزمك إتمامه.

وفي مسند أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين فأهديت لنا شاة فأكلنا، فدخل علينا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرناه فقال "صوما يومًا مكانه" والأمر للوجوب، فدلّ علي أن الشروع ملزم.

(قال) وفي رواية أبي الوقت والأصيلي فقال (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصيام) بالرفع عطفًا على خمس

صلوات وفي رواية أبي ذر وصوم (رمضان. قال) الرجل (هل عليّ غيره؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا إلا أن تطوّع) فلا يلزمك إتمامه إذا شرعت فيه أو إلا إذا تطوّعت، فالتطوّع يلزمك إتمامه لقوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد: ٣٣] وفي استدلال الحنفية نظر لأنهم لا يقولون بفرضية الإتمام بل بوجوبه واستثناء الواجب من الفرض منقطع لتباينهما، وأيضًا فإن الاستثناء عندهم من النفي ليس للإثبات بل مسكوت عنه كما قاله في الفتح. (قال) الراوي طلحة بن عبيد الله (وذكر له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزكاة قال) وفي رواية الأصيلي وأبي ذر فقال الرجل المذكور: (هل عليّ غيرها؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لا إلا أن تطوّع، قال) الراوي (فأدبر الرجل) من الإدبار أي تولى (وهو يقول) أي والحال أنه يقول: (والله لا أزيد) في التصديق والقبول (على هذا ولا أنقص) منه شيئاً أي قبلت كلامك قبولاً لا مزيد عليه من جهة السؤال ولا نقصان فيه من طريق القبول، أو لا أزيد على ما سمعت ولا أنقص منه عند الإبلاغ لأنه كان وافد قومه ليتعلم ويعلمهم، لكن يعكر عليهما رواية إسماعيل بن جعفر حيث قال: لا أتطوّع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئًا، أو المراد لا أغير صفة الفرض كمن ينقص الظهر مثلاً ركعة أو يزيد المغرب، (قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أفلح) الرجل أي فاز (إن صدق) في كلامه. واستشكل كونه أثبت له الفلاح بمجرد ما ذكر وهو لم يذكر له جميع الواجبات ولا المنهيات

ولا المندوبات. وأجيب: بأنه داخل في عموم قوله في حديث إسماعيل بن جعفر المروي عند المؤلف في الصيام بلفظ: فأخبره رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-بشرائع الإسلام.

فإن قلت: أما فلاحه بأنه لا ينقص فواضح وأما بأن لا يزيد فكيف يصح؟ أجاب النووي بأنه أثبت له الفلاح لأنه أتى بما عليه وليس فيه أنه إذا أتى بزائد على ذلك لا يكون مفلحًا لأنه إذا أفلح بالواجب ففلاحه بالمندوب مع الجواب أولى، وفي هذا الحديث أن السفر والارتحال لتعلّم العلم مشروع وجواز الحلف من غير استحلاف ولا ضرورة ورجاله كلهم مدنيون وتسلسل بالأقارب، لأن إسماعيل يرويه عن خاله عن عمه عن أبيه، وأخرجه أيضًا في الصوم وفي ترك الحيل، وأخرجه مسلم في الإيمان، وأبو داود في الصلاة والنسائي فيها وفي الصوم.

٣٥ - باب اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَان

هذا (باب) بالتنوين (اتّباع الجنائز من الإيمان) أي شعبة من شعبه، واتّباع بتشديد التاء المكسورة والجنائز جمع جنازة بفتح الجيم وكسرها الميت أو بالفتح للميت وبالكسر للنعش أو عكسه أو بالكسر النعش وعليه الميت.

٤٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَنْجُوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ. وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ».

تَابَعَهُ عُثْمَانُ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. نَحْوَهُ. [الحديث ٤٧ - طرفاه في: ١٣٢٣، ١٣٢٥].

وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا أحمد بن عبد الله بن عليّ المنجوفي) نسبة إلى جدّ أبيه منجوف بفتح الميم وسكون النون وضم الجيم وفي آخره فاء ومعناه الموسع، المتوفى سنة اثنتين وخمسين ومائتين (قال: حدّثنا روح) بفتح الراء وبالحاء المهملتين ابن عبادة بن العلاء البصري المتوفى سنة خمس ومائتين (قال: حدّثنا عوف) بالفاء ابن أبي جميلة بندويه بفتح الموحدة وبالنون الساكنة والدال المهملة المضمومة والواو الساكنة والمثناة التحتية العبدي الهجري البصري، المتوفى سنة ست أو سبع وأربعين ومائة، ونسب إلى التشيع (عن الحسن) البصري (ومحمد) بالجرّ عطفًا على الحسن، وللأصيلي ومحمد بالرفع هو ابن سيرين أبو بكر الأنصاري مولاهم البصري التابعي الجليل، المتوفى سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة وعشرين يومًا كلاهما (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(من اتبع) بتشديد المثناة الفوقية، وفي رواية الأصيلي وابن عساكر تبع بغير ألف وكسر الموحدة (جنازة

<<  <  ج: ص:  >  >>