نتبع الجنائز) بنون وموحدة مفتوحتين بينهما فوقية ساكنة (ونعود المريض) يقال عاد المريض إذ زاره وهذا على الأكثر في الاستعمال أن يقال في المريض عاد، وفي الصحيح زار (ونفشي السلام) بضم النون
وسكون الفاء وكسر المعجمة أي ننشره ونظهره ونعم به من عرفنا ومن لم نعرف والأمر للندب.
٥ - باب عِيَادَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ
(باب عيادة المغمى عليه) أي الذي يصيبه غشي يتعطل معه جل قوّته الحساسة لضعف القلب واجتماع الروح كله إليه.
٥٦٥١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ: مَرِضْتُ مَرَضًا فَأَتَانِى النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُودُنِى وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ فَوَجَدَانِى أُغْمِىَ عَلَىَّ فَتَوَضَّأَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَىَّ فَأَفَقْتُ فَإِذَا النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ فِى مَالِى؟ كَيْفَ أَقْضِى فِى مَالِى؟ فَلَمْ يُجِبْنِى بِشَىْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ.
وبه قال (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن ابن المنكدر) هو محمد بن المنكدر بن عبد الله المدني أنه (سمع جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يقول مرضت مرضًا فأتاني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعودني وأبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- في عام حجة الوداع (وهما ماشيان فوجداني أغمي عليّ) وفي سورة النساء لا أعقل شيئًا (فتوضأ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم صب وضوءه) أي الماء الذي توضأ به (عليّ فأفقت) من ذلك الإغماء (فإذا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت: يا رسول الله كيف أصنع في مالي، كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث) وسبق في التفسير من طريق ابن جريج أنها يوصيكم الله في أولادكم وأن الدمياطي قال: إنه وهم، وإن الذي نزل في جابر آية الكلالة كما رواه شعبة والثوري وما في ذلك من البحث، وقول ابن المنير أن فائدة الترجمة أنه لا يعتقد أن عيادة المريض المغمى عليه ساقطة الفائدة لكونه لا يعلم بعائده، ولكن ليس في حديث جابر التصريح بأنهما علما أنه مغمى عليه قبل عيادته فلعله وافق حضورهما، تعقبه في الفتح بأن الظاهر من السياق وقوع ذلك حال مجيئهما وقبل دخولهما عليه ومجرد علم المريض بعائده لا تتوقف مشروعية العيادة عليه لأن وراء ذلك جبر خاطر أهله وما يرجى من بركة دعاء العائد ووضع يده على المريض والمسح على جسده والنفث عليه عند التعويذ.
٦ - باب فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ مِنَ الرِّيحِ
(باب فضل من يصرع من الريح) بسبب انحباسها من شدة تعرض في بطون الدماغ ومجاري الأعصاب المتحركة فتمنع الأعضاء الرئيسة عن انفعالها منعًا غير تام أو بخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء وربما يكون معه تشنج في الأعضاء فلا يبقى الشخص معه منتصبًا بل يسقط ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة وقد يكون الصرع من النفوس الخبيثة الجنية لاستحسان تلك الصورة الإنسية أو لمجرد إيقاع الأذية.
٥٦٥٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ أَبِى بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ
قَالَ: قَالَ: لِى ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ بَلَى! قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إِنِّى أُصْرَعُ وَإِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِى قَالَ: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال (حدّثنا يحيى) هو ابن سعيد القطان (عن عمران) بن مسلم (أبي بكر) البصري التابعي الصغير أنه (قال: حدّثني) بالتوحيد (عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس) -رضي الله عنهما- (ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء) اسمها سعيرة بالمهملات الأسدية كما في تفسير ابن مردويه عند المستغفري في كتاب الصحابة وأخرجه أبو موسى في الذيل (أتت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي قالت المرأة (إني أصرع وإني أتكشف) بفتح الفوقية والشين المعجمة المشددة ولأبي ذر أنكشف بالنون الساكنة بدل الفوقية وكسر المعجمة مخففة (فادع الله لي) أن يشفيني من ذلك الصرع (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مخيرًا لها:
(إن شئت صبرت) على ذلك (ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت: أصبر) يا رسول الله (فقالت: إني أتكشف) بالفوقية وتشديد المعجمة المفتوحة ولأبي ذر أنكشف بالنون الساكنة وكسر المعجمة (فادع الله) زاد أبو ذر عن الكشميهني لي (أن لا أتكشف) ولأبي ذر أن لا أنكشف (فدعا لها) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قال ابن القيم في الهدى النبوي من حدث له الصرع وله خمس وعشرون سنة وخصوصًا بسبب دماغي أيس من برئه وكذلك إذا استمر به إلى هذا السن قال: فهذه المرأة التي جاء في الحديث أنها كانت تصرع وتنكشف يجوز أن يكون صرعها من هذا النوع فوعدها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بصبرها على هذا المرض بالجنة.