وأجيب: بأن الآيات إما أمارات دالة على قرب قيام الساعة، وإما أمارات دالة على وجود قيام الساعة وحصولها، ومن الأوّل الدخان وخروج الدجال ونحوهما، ومن الثاني طلوع الشمس من مغربها وسمي أوّلًا لأنه مبدأ القسم الثاني.
ويأتي إن شاء الله تعالى نبذة من فرائد الفوائد المتعلقة بهذه المباحث في محالها من هذا الكتاب وبالله المستعان وعليه التكلان.
٧ - سورة الأَعْرَافِ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَرِيَاشًا: الْمَالُ {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فِي الدُّعَاءِ وَفِي غَيْرِهِ: عَفَوْا كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ. الْفَتَّاحُ: الْقَاضِي. افْتَحْ بَيْنَنَا: اقْضِ بَيْنَنَا. نَتَقْنَا الجَبَلَ: رَفَعْنَا. انْبَجَسَتْ: انْفَجَرَتْ. مُتَبَّرٌ: خُسْرَانٌ. آسَى: أَحْزَنُ: تَأْسَ: تَحْزَنْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَسْجُدَ يُقَالُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ؟ يَخْصِفَانِ: أَخَذَا الْخِصَافَ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ. يُؤَلِّفَانِ الْوَرَقَ: يَخْصِفَانِ الْوَرَقَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ. سَوْآتِهِمَا: كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجَيْهِمَا. وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ: هُوَ هَا هُنَا إِلَى الْقِيَامَةِ وَالْحِينُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَا لَا يُحْصَى عَدَدُهَا. الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ: وَاحِدٌ وَهْوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ. قَبِيلُهُ: جِيلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ. إِدَّارَكُوا: اجْتَمَعُوا. وَمَشَاقُّ الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهُمْ يُسَمَّى سُمُومًا وَاحِدُهَا سَمٌّ وَهْيَ عَيْنَاهُ وَمَنْخِرَاهُ وَفَمُهُ وَأُذُنَاهُ وَدُبُرُهُ وَإِحْلِيلُهُ. غَوَاشٍ: مَا غُشُّوا بِهِ. نُشُرًا: مُتَفَرِّقَةً. نَكِدًا: قَلِيلًا. يَغْنَوْا: يَعِيشُوا. حَقِيقٌ: حَقٌّ. اسْتَرْهَبُوهُمْ: مِنَ الرَّهْبَةِ. تَلَقَّفُ: تَلْقَمُ. طَائِرُهُمْ: حَظُّهُمْ. طُوفَانٌ مِنَ السَّيْلِ وَيُقَالُ لِلْمَوْتِ الْكَثِيرِ الطُّوفَانُ. الْقُمَّلُ: الْحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ. عُرُوشٌ وَعَرِيشٌ: بِنَاءٌ.
سُقِطَ كُلُّ مَنْ نَدِمَ: فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ. الأَسْبَاطُ: قَبَائِلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ: يَتَعَدَّوْنَ لَهُ يُجَاوِزُونَ. تَعْدُ: تُجَاوِزْ. شُرَّعًا: شَوَارِعَ. بَئِيسٍ: شَدِيدٍ. أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ: قَعَدَ وَتَقَاعَسَ. سَنَسْتَدْرِجُهُمْ: أَيْ نَأْتِيهِمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا}. مِنْ جِنَّةٍ: مِنْ جُنُونٍ. أَيَّانَ مُرْسَاهَا: مَتَى خُرُوجُهَا. فَمَرَّتْ بِهِ: اسْتَمَرَّ بِهَا الْحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ. يَنْزَغَنَّكَ: يَسْتَخِفَّنَّكَ. طَيْفٌ: مُلِمٌ بِهِ لَمَمٌ. وَيُقَالُ طَائِفٌ: وَهْوَ وَاحِدٌ. يَمُدُّونَهُمْ: يُزَيِّنُونَ. وَخِيفَةً: خَوْفًا. وَخُفْيَةً: مِنَ الإِخْفَاءِ. وَالآصَالُ: وَاحِدُهَا أَصِيلٌ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ كَقَوْلِكَ: بُكْرَةً، وَأَصِيلًا.
([٧]] سورة الأعراف)
مكية إلا ثمان آيات من قوله تعالى: {واسألهم} -إلى قوله- {وإذ نتقنا الجبل} [الأعراف: ١٦٣ - ١٧١] وزاد أبو ذر هنا بسم الله الرحمن الرحيم.
(قال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله ابن جرير من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه (ورياشًا) بالجمع وهي قراءة الحسن جمع ريش كشعب وشعاب وقراءة الباقين وريشًا بالإفراد (المال) يقال: قريش أي تموّل. وعند ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس: الرياش اللباس والعيش والنعيم، وقيل: الريش لباس الزينة استعير من ريش الطير بعلاقة الزينة.
وعن ابن عباس أيضًا من طريق ابن جريج عن عطاء عنه مما وصله ابن جرير أيضًا في قوله تعالى: ({إنه لا يحب المعتدين}) [الأعراف: ٥٥] أي (في الدعاء) كالذي يسأل درجة الأنبياء أو
على من لا يستحقه أو الذي يرفع صوته عند الدعاء.
وفي حديث سعد بن أبي وقاص عند أبي داود أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "سيكون قوم يعتدون في الدعاء" وقرأ هذه الآية.
وعند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن مغفل أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: يا بني سل الله الجنة وَعِذْ به من النار فإني سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "يكون قوم يعتدون في الدعاء والطهور". وهكذا أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان به.
(وفي غيره) أي غير الدعاء. وسقط: إنه لا يحب لغير أبوي ذر والوقت، وقوله وفي غيره للمستملي.
وقوله تعالى: {ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى} ({عفوا}) [الأعراف: ٩٥] أي (كثروا وكثرت أموالهم) يقال: عفا الشعر إذا كثر.
وقوله تعالى في سورة سبأ: ({الفتاح}) أي (القاضي) قيل وذكره هنا توطئة لقوله في هذه السورة ({افتح بيننا}) أي (اقض بيننا) وسقط قوله بيننا لأبي ذر.
وقوله: ({نتقنا الجبل}) أي (رفعنا) الجبل وسقط قوله الجبل لغير أبوي ذر والوقت.
وقوله: ({انبجست}) أي (انفجرت).
وقوله: ({متبر}) أي (خسران).
وقوله: ({آسى}) أي فكيف (أحزن) على قوم كافرين.
وقوله في سورة المائدة: ({تأس}) أي (تحزن) ذكره استطرادًا هذا كله تفسير ابن عباس.
(وقال غيره): أي غير ابن عباس في قوله تعالى: ({ما منعك ألاّ تسجد}) [الأعراف: ١٢] (يقال: ما منعك أن تسجد) فلا صلة مثلها في لئلا يعلم مؤكدة معنى الفعل الذي دخلت عليه ومنبهة على أن الموبخ عليه ترك السجود.
وقوله: وطفقا ({يخصفان}: أخذا}) أي آدم وحوّاء (الخصاف) بكسر الخاء ({من ورق الجنة}) [الأعراف: ٢٢] (يؤلفان الورق يخصفان الورق بعضه إلى بعض) لما ذاقا طعم الشجرة آخذين في الأكل نالهما شؤم المخالفة، وسقطت عنهما ثيابهما وظهرت لهما سوآتهما، وقيل كانت من نور، وكان أحدهما لا يرى سوأة الآخرة فأخذا يجعلان ورقة على ورقة لستر السوأة كما تخصف النعل بأن تجعل طرقة على طرقة وتوثق بالسيور حتى صارت الأوراق كالثوب وهو ورق التين، وقيل اللوز. والخصفة بالتحريك الجلة أي القفة الكبيرة التي تعمل من الخوص للتمر وجمعها خصف وخصاف. قال أبو البقاء: يخصفان ماضيه خصف وهو متعد إلى مفحول واحد والمفعول شيئًا من ورق الجنة.
وقال أبو عبيدة في قوله: ({سوآتهما} كناية عن فرجيهما) وسقط هذا لأبي ذر.
({ومتاع إلى حين}) [الأعراف: ٢٤] (هو هاهنا إلى يوم القيامة) وثبت للأبوين هو وسقط لأبي ذر يوم (والحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عددها) ولأبوي ذر والوقت عدده وأقله ساعة (الرياش والريش واحد وهو ما ظهر من اللباس) وذكره قريبًا مفسرًا بالمال