كراهة.
٥١٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ ﷺ نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ فَقَامَ مُمْتَنًّا فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن المبارك) العيشي بفتح العين المهملة وسكون التحتية وكسر الشين المعجمة قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد قال: (حدّثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك ﵁) أنه (قال: أبصر النبي ﷺ نساءً وصبيانًا) حال كونهم (مقبلين من عرس فقام) ﵊ (ممتنًّا) بميم مضمومة فميم ساكنة فمثلثة مفتوحة كذا في الفرع مصححًا عليه كأصله، وقال في الفتح بمثناة ونون ثقيلة من المنة بضم الميم وهي القوة أي من قام إليهم مسرعًا مشتدًّا في ذلك فرحًا بهم أو من الامتنّان لأن من قام إليه ﷺ وأكرمه بذلك فقد امتنّ عليه بشيء لا أعظم منه (فقال):
(اللهم) قالها للتبرك أو للاستشهاد في صدقه على قوله (أنتم من أحب الناس إليّ) وزاد في رواية معمر في مناقب الأنصار قالها ثلاث مرات، وفيه شهود النساء والصبيان لوليمة العرس فلو دعت امرأة امرأة لوليمة أو دعت رجلًا وجب أو استحب لا مع خلوة محرمة فلا يجيبها إلى طعام مطلقًا أو مع عدم الخلوة فلا يجيبها إلى طعام خاص به كان جلست به وبعثت له الطعام إلى بيت آخر من دارها خوف الفتنة بخلاف ما إذا لم تخف فقد كان سفيان الثوري وأضرابه يزورون رابعة العدوية ويسمعون كلامها فإن وجد رجل كسفيان وامرأة كرابعة فالظاهر أنه لا كراهة في الإجابة ويعتبر في وجوب الإجابة للمرأة إذن الزوج أو السيد للمدعوّ والله أعلم.
٧٦ - باب هَلْ يَرْجِعُ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا فِي الدَّعْوَةِ؟
وَرَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ صُورَةً فِي الْبَيْتِ فَرَجَعَ وَدَعَا ابْنُ عُمَرَ أَبَا أَيُّوبَ فَرَأَى فِي الْبَيْتِ سِتْرًا عَلَى الْجِدَارِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ غَلَبَنَا عَلَيْهِ النِّسَاءُ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْهِ فَلَمْ أَكُنْ أَخْشَى عَلَيْكَ، وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا فَرَجَعَ
هذا (باب) بالتنوين (هل يرجع) المدعوّ (إذا رأى) شيئًا (منكرًا في) مجلس (الدعوة) كفرش الحرير في دعوة اتخذت للرجال وفرش جلود نمر بقي وبرها كما قاله الحليمي وغيره.
(ورأى ابن مسعود) عبد الله ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري (صورة في البيت) الذي دعي إليه للوليمة (فرجع) ويحتمل أن يكون وقع لكلٍّ من عبد الله بن مسعود ولأبي مسعود عقبة ذلك وأثر أبي مسعود عقبة وصله البيهقي بسند صحيح، وأما أثر ابن مسعود عبد الله فقال: في الفتح لم أقف عليه.
(ودعا ابن عمر) فيما وصله أحمد في كتاب الورع ومسدد في مسنده ومن طريقه الطبراني (أبا أيوب) خالد بن زيد الأنصاري إلى وليمة عرس ابنه سالم فجاء (فرأى في البيت سترًا على الجدار) فأنكر على عبد الله بن عمر (فقال ابن عمر: غلبنا) بفتحات (عليه) أي على وضع الستر على الجدار (النساء) يا أبا أيوب (فقال) أبو أيوب (من كنت أخشى عليه). قال الكرماني: أي إن كنت أخشى على أحد يعمل في بيته مثل هذا المنكر (فلم أكن أخشى عليك) ذلك (والله لا أطعم لكم طعامًا فرجع) وقد اختلف في ستر البيوت والجدران فجزم جمهور الشافعية بالكراهة ويشهد له أثر ابن عمر هذا إذ لو كان حرامًا ما قعد الذين قعدوا من الصحابة ولا فعله ابن عمر، فيحمل فعل أبي أيوب على كراهة التنزيه جمعًا بين الفعلين، ويحتمل أن يكون أبو أيوب كان يرى التحريم والذين قعدوا ولم ينكروا يرون الإباحة، وقد صرح الشيخ أبو نصر المقدسي من الشافعية بالتحريم لحديث مسلم عن عائشة أن النبي ﷺ قال: "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين" وتعقب بأنه ليس في السياق ما يدل على التحريم وإنما فيه نفي الأمر بذلك ونفي الأمر لا يستلزم ثبوت النهي نعم عند أبي داود من حديث ابن عباس ولا تستروا الجدر بالثياب.
٥١٨١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا بَالُ هَذِهِ النِّمْرِقَةِ»؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَقَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ».
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام الأعظم (عن نافع) مولى ابن عمر (عن القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق ﵁ (عن) عمته (عائشة) ﵂ (زوج النبي ﷺ أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة) بنون وراء مضمومتين بينهما ميم ساكنة وبعد الراء قاف وفي اليونينية بكسر النون والراء وسادة صغيرة (فيها تصاوير) أي تماثيل حيوان (فلما رآها رسول الله ﷺ قام على الباب فلم يدخل) زاد في ذكر الملائكة وجعل يتغير