(لو رأوني قال: يقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدًا) وزاد أبو ذر عن الكشميهني وتحميدًا (وأكثر لك تسبيحًا) وزاد الإسماعيلي وأشد لك ذكرًا (قال: يقول فما يسألوني)؟ ولأبي ذر فيقول فما يسألونني بزيادة الفاء والنون (قال: يسألونك الجنة. قال: يقول) تعالى (وهل رأوها؟ قال يقولون لا والله يا رب ما رأوها. قال: يقول) ولأبي ذر فيقول (فكيف لو أنهم رأوها؟ قال: يقولون لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا وأشد لها طلبًا وأعظم فيها رغبة قال) تعالى (فممّ يتعوذّون؟ قال يقولون من النار قال يقول) تعالى (وهل رأوها؟ قال: يقولون لا والله ما) ولأبي ذر لا والله يا رب ما (رأوها. قال: يقول) تعالى (فكيف لو رأوها؟ قال يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا وأشد لها مخافة) وهذا كله فيه تقريع للملائكة وتنبيه على أن تسبيح بني آدم وتقديسهم أعلى وأشرف من تقديسهم لحصول هذا في عالم الغيب مع وجود الموانع والصوارف وحصول ذلك للملائكة في عالم الشهادة من غير صارف (قال فيقول) تعالى (فأشهدكم أني قد غفرت لهم) زاد في رواية سهيل وأعطيتهم ما سألوا (قال: يقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم إنما
جاء لحاجة) وفي رواية سهيل قال: يقولون رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم وزاد قال وله قد غفرت.
قال في شرح المشكاة قوله، إنما مرّ مشكل لأن إنما توجب حصر ما بعدها في آخر الكلام كما تقول إنما يجيء زيد أو إنما زيد يجيء ولم يصرح هنا غير كلمة واحدة، وكذلك قوله وله قد غفرت يقتضي تقديم الظرف على عامله اختصاص الغفران بالمارّ دون غيره وليس كذلك. وأجاب: بأن في التركيب الأول تقديمًا وتأخيرًا أي إنما فلان مر أي ما فعل فلان إلا المرور والجلوس عقبه يعني ما ذكر الله تعالى، ثم قال فإن قلت: لم لم يجعل الضمير في مر بارزًا ليكون الحصر فيه؟ وأجاب: بأنه لو أريد هذا لوجب الإبراز، ولئن سلم لأدى إلى خلاف المقصود وأن المرور منحصر في فلان لا يتعدى إلى غيره وهو خلف، وفي التركيب الثاني الواو للعطف وهو يقتضي معطوفًا عليه أي قد غفرت لهم وله ثم أتبع غفرت تأكيدًا وتقريرًا.
(قال) تعالى (هم المجلساء لا يشقى بهم جليسهم). وسقط لفظ بهم لأبي ذر يعني أن مجالستهم مؤثرة في الجليس ولمسلم هم القوم لا يشقى بهم جليسهم وتعريف الخبر يدل على الكمال أي هم القوم كل القوم الكاملون فيما هم فيه من السعادة فيكون قوله لا يشقى بهم جليسهم استئنافًا لبيان الموجب، وفي هذه العبارة مبالغة في نفي الشقاء عن جليس الذاكرين، فلو قيل يسعد بهم جليسهم لكان ذلك في غاية الفضل لكن التصريح بنفي الشقاء أبلغ في حصول المقصود رواه أي الحديث المذكور (شعبة) بن الحجاج (عن الأعمش) سليمان بن مهران بسنده المذكور (ولم يرفعه) إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هكذا وصله أحمد (ورواه سهيل) بضم السين وفتح الهاء (عن أبيه) أبي صالح السمان (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وصله مسلم وأحمد.
٦٧ - باب قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ
(باب) فضل (قول لا حول ولا قوّة إلا بالله) في إعرابه ونحوه مما تكررت فيه لا النافية للجنس مع اسمها الوجوه الخمسة المقررة في كتب العربية فتح الأول، وفي الثاني وهو اسم لا الثانية ثلاثة أوجه: الفتح بناء والنصب والرفع إعرابًا فالفتح على أنه ركب مع لا كالأول والرفع على إهمال لا الثانية أو إعمالها عمل ليس والنصب على العطف على على اسم لا الأولى، وإهمال الثانية ورفع الأول فيمتنع النصب في الثاني ويجوز فيه الفتح بناء بإعمال لا الثانية أو الرفع بإهمالها أو إعمالها عمل ليس فهي خمسة فتح الأول والثاني معًا ورفعهما معًا وفتح الأول ورفع الثاني وعكسه وفتح الأول ونصب الثاني.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن) المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا سليمان) بن طرخان (التيمي) البصري (عن أبي عثمان) عبد الرَّحمن بن ملّ النهدي (عن أبي موسى الأشعري) -رضي الله عنه- أنه (قال: أخذ النبي