للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن أهله (ليبكون عليه الأن قالت: وذاك) بغير لام ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر وذلك (مثل) بكسر الميم وسكون المثلثة (قوله) أي قول ابن عمر (إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: مثل ما (قال) أي ابن عمر -رضي الله عنهما- في تعذيب الميت.

(إنهم ليسمعون ما أقول) بيان لقوله مثل ما قال (إنما قال) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق) ولأبي ذر عن الكشميهني: لحق أي ووهم ابن عمر فقال: ليسمعون بدل ليعلمون والعلم كما قال البيهقي وغيره: لا يمنع السماع فلا تنافي بين ما أنكرته وأثبته ابن عمر وغيره (ثم قرأت) عائشة -رضي الله عنها- مستدلة لما ذهبت إليه: ({إنك لا تسمع الموتى}) [النمل: ٨٠] (و) قوله تعالى: ({ما أنت بمسمع من في القبور}) [فاطر: ٣٥] فحملت ذلك على الحقيقة ومن ثم احتاجت إلى التأويل في قوله: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم والذي عليه جماعة من المفسرين وغيرهم أنه مجاز وأن المراد بالموتى ومن في القبور الكفار شبهوا بالموتى وهم أحياء حيث لا ينتفعون بمسموعهم كما لا تنتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة، وحينئذ فلا دليل في هذا على ما نفته عائشة -رضي الله عنها-.

قال عروة: (تقول) بالفوقية أي عائشة -رضي الله عنها-، ولغير أبي ذر يقول بالتحتية أي عروة مبينًا لمراد عائشة -رضي الله عنها- من قوله: إنك لا تسمع الموتى (حتى تبوؤوا) أي اتخذوا (مقاعدهم من النار) فأشار إلى أن إطلاق النفي في الآية مقيد بحالة استقرارهم في النار.

٣٩٨٠ - ٣٩٨١ - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَالَ: «هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا»؟ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُمُ الآنَ يَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ» فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ هُوَ الْحَقُّ». ثُمَّ قَرَأَتْ {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: ٨٠] حَتَّى قَرَأَتِ الآيَةَ.

وبه قال: (حدثني) بالإفراد (عثمان) بن أبي شيبة إبراهيم الكوفي أنه قال: (حدّثنا عبدة) بفتح العين وسكون الموحدة ابن سلمان (عن هشام عن أبيه) عروة (عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه قال: (وقف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على قليب بدر فقال): يخاطب من ألقي فيه من كفار قريش.

(هل وجدتم ما وعد ربكم) من العقاب (حقًّا؟ ثم قال) عليه الصلاة والسلام: (إنهم الآن يسمعون) ولابن عساكر: ليسمعون (ما أقول فذكر) بضم الذال المعجمة وكسر الكاف قول ابن عمر العائشة) -رضي الله عنها- (فقالت: إنما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم) من التوحيد والإيمان وغيرهما (هو الحق ثم قرأت) قوله: {إنك لا تسمع الموتى} [النمل: ٨٠] [حتى قرأت الآية].

وأجيب: بأنه لا يسمعهم وهم موتى، ولكن الله عز وجل أحياهم حتى سمعوا كما قال قتادة، وفي مغازي ابن إسحاق رواية يونس بن بكير بإسناد جيد، وأخرجه أحمد بإسناد حسن عن عائشة -رضي الله عنها- مثل حديث أبي طلحة وفيه: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" فإن كان محفوظًا فلعلها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من رواية الصحابة لكونها لم تشهد القصة، وقد قال السهيلي: إذا جاز أن يكونوا في هذه الحالة عالمين جاز أن يكونوا سامعين وذلك إما بآذان رؤوسهم على قول الأكثر أو بآذان قلوبهم، وقد تمسك به من يقول: إن السؤال يتوجه على الروح والجسد ورده من قال: إنما يتوجه على الروح فقط بأن الإسماع يحتمل أن يكون لأذن الرأس وأذن القلب فلم يبق فيه حجة اهـ.

وقد أنكر عذاب القبر بعض المعتزلة والروافض محتجين بأن الميت جماد لا حياة له ولا إدراك فتعذيبه محال.

وأجيب: بأنه يجوز أن يخلق الله تعالى في جميع الأجزاء أو في بعضها نوعًا من الحياة قدر ما يدرك ألم العذاب، وهذا لا يلزم منه إعادة الروح إلى الجسد ولا أن يتحرك ويضطرب أو يرى العذاب عليه حتى أن الغريق في الماء والمأكول في بطون الحيوانات والمصلوب في الهواء يعذب وإن لم نطلع نحن عليه.

٩ - باب فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا

(باب فضل من شهد) من المسلمين (بدرًا) مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مقاتلاً للمشركين، وسقط الباب لأبي ذر والأصيلي وابن عساكر.

٣٩٨٢ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا -رضي الله عنه- يَقُولُ: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهْوَ غُلَامٌ فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي فَإِنْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ وَإِنْ تَكُ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: «وَيْحَكِ أَوَ هَبِلْتِ؟ أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ».

وبه قال: (حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: حدّثنا (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا معاوية بن عمرو) بفتح العين وإسكان الميم

<<  <  ج: ص:  >  >>