للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطلقًا لا في الترتيب ولا في ترك الفدية. وهذا مذهب إمامنا الشافعي وأحمد وعطاء وطاوس ومجاهد. وقال مالك وأبو حنيفة: الترتيب واجب يجبر بدم لما روى ابن عباس أنه قال: من قدَّم شيئًا في حجه أو أخّره فليهرق لذلك دمًّا، وتأوّلوا الحديث أي لا إثم عليكم فيما فعلتموه من هذا لأنكم فعلتموه على الجهل منكم لا على القصد فأسقط عنهم الحرج وأعذرهم لأجل النسيان وعدم العلم، ويدل له قول السائل لم أشعر، ويؤيده أن في رواية علي عند الطحاوي بإسناد صحيح بلفظ: رميت وحلقت ونسيت أن أنحر، وفي الحديث جواز سؤال العالم راكبًا وماشيًا وواقفًا على كل حال ولا يعارض هذا بما روي عن مالك من كراهة ذكر العلم والسؤال عن الحديث في الطريق، لأن الموقف بمنى لا يعدّ من الطرقات لأنه موقف سُنّة وعبادة وذكر ووقت حاجة إلى التعلم خوف الفوات إما بالزمان أو بالمكان.

٢٤ - باب مَنْ أَجَابَ الْفُتْيَا بِإِشَارَةِ الْيَدِ وَالرَّأْسِ

هذا (باب من أجاب الفتيا) أي في بيان المفتي الذي أجاب المستفتي فيما سأله عنه (بإشارة اليد والرأس) وسقط لفظ باب للأصيلي.

٨٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ قَالَ: وَلَا حَرَجَ. وقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: وَلَا حَرَجَ. [الحديث ٨٤ - أطرافه في: ١٧٢١، ١٧٢٢، ١٧٢٣، ١٧٣٤، ١٧٣٥، ٦٦٦٦].

وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي البصري (قال: حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء وسكون المثناة التحتية آخره موحدة ابن خالد الباهلي البصري، المتوفى سنة خمس أو تسع وستين لا سنة ست وخمسين (قال: حدّثنا أيوب) السختياني (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) عبد الله رضي الله عنهما:

(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سئل) بضم السين (في حجته) أي الوداع (فقال) أي السائل (ذبحت) هديي (قبل أن أرمي) الجمرة فهل يصح وهل عليّ حرج؟ (فأومأ) أي أشار -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي رواية الأصيلي وأبي الوقت قال: فأومأ (بيده) الكريمة حال كونه قد (قال) وفي رواية أبي ذر فقال: (لا حرج) عليك، وللأصيلي ولا حرج بالواو أي صح فعلك ولا حرج عليك وهي ساقطة في رواية لأبي ذر وعلى حالية قال يكون جمع بين الإشارة والنطق، ويحتمل أن يكون قال بيانًا لقوله: فأومأ ويكون من إطلاق القول على الفعل وهذا هو الأحسن. (وقال) ذلك السائل أو غيره (حلقت) رأسي (قبل أن أذبح) هديي أي قبل ذبحه (فأومأ) فأشار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بيده) الشريفة (ولا حرج) أي صح فعلك

ولا إثم عليك، ولم يحتج إلى ذكر قال هنا لأنه أشار بيده بحيث فهم من تلك الإشارة أنه لا حرج.

ورجال هذا الحديث كلهم بصريون، وفيه رواية تابعي عن تابعي، والتحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الحج من طريقين، ومسلم والنسائي فيه أيضًا.

٨٥ - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يُقْبَضُ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ؟ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ الْقَتْلَ. [الحديث ٨٥ - أطرافه في: ١٠٣٦، ١٤١٢، ٣٦٠٨، ٣٦٠٩، ٤٦٣٥، ٤٦٣٦، ٦٠٣٧، ٦٥٠٦، ٦٩٣٥، ٧٠٦١، ٧١١٥، ٧١٢١].

وبه قال: (حدّثنا المكي بن إبراهيم) بن بشير بفتح الموحدة وكسر المعجمة آخره راء البلخي، المتوفى ببلخ سنة أربع عشرة ومائتين (قال: أخبرنا حنظلة) زاد الأصيلي ابن أبي سفيان (عن سالم) هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (قال: سمعت أبا هريرة) عبد الرحمن بن صخر أي كلامه (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(يقبض العلم) أي بموت العلماء ويقبض بضم أوّله على صيغة المجهول وهو تفسير لقوله في الرواية السابقة يرفع العلم. (وبظهر الجهل) بفتح المثناة التحتية على صيغة المعلوم وذكر هذه لزيادة التأكيد والإيضاح وإلاّ فظهور الجهل من لازم قبض العلم (والفتن) بالرفع عطفًا على الجهل وللأصيلي وابن عساكر ونظهر الفتن بإسقاط الجهل (ويكثر الهرج) بفتح الهاء وسكون الراء آخره جيم الفتنة والاختلاط، وأصله كثرة الشر وهو بلسان الحبشة القتل كما عند المصنف في كتاب الفتن. (قيل: يا رسول الله وما الهرج؟ فقال: هكذا بيده فحرّفها كأنه يريد القتل) فهمه الراوي من تحريف يده الكريمة وحركتها كالضارب، وفي إطلاق القول على الفعل والفاء في قوله: فحرّفها تفسيرية فهى مفسرة لقوله هكذا.

٨٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ؟ النَّاسِ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ. قُلْتُ: آيَةٌ. فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا -أَىْ نَعَمْ- فَقُمْتُ حَتَّى عَلاني الْغَشْيُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي الْمَاءَ. فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَاّ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي، حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ. فَأُوحِيَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ، أَوْ قَرِيبَ -لَا أَدْرِي أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ- مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ، أَوِ الْمُوقِنُ -لَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ- فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ مُحَمَّدٌ (ثَلَاثًا)، فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا، قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ، وَأَمَّا

الْمُنَافِقُ، أَوِ الْمُرْتَابُ- لَا أَدْرِي أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ- فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ. [الحديث ٨٦ - أطرافه في: ١٨٤، ٩٢٢، ١٠٥٣، ١٠٥٤، ١٠٦١، ١٢٣٥، ١٣٧٣، ٢٥١٩، ٢٥٢٠، ٧٢٨٧].

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (قال: حدّثنا وهيب) أي ابن خالد (قال: حدّثنا هشام) أي ابن عروة بن الزبير بن العوام (عن فاطمة) بنت المنذر بن الزبير بن العوام وهي زوجة هشام هذا وبنت عمه (عن أسماء) بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين زوج الزبير، المتوفاة بمكة سنة ثلاث وسبعين وقد بلغ المائة ولم يسقط

<<  <  ج: ص:  >  >>