للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن مالك قال):

(صلّى النبي بالمدينة) الظهر (أربعًا، وبذي الحليفة) العصر (ركعتين) قصرًا لأنه أنشأ السفر، وحذف لفظ الظهر والعصر لعدم الإلباس، وقد صرح بهما في الحديث الآتي (ثم بات حتى أصبح) دخل في الصباح (بذي الحليفة فلما ركب راحلته واستوت به أهلّ) بالحج أو بالعمرة أو

بهما. قال التوربشتي في شرح مصابيح البغوي أي: رفعته مستويًا في ظهرها، وتعقبه صاحب شرح المشكاة بأن استوى إنما يعدي بعلى لا بالباء فقوله به حال نحو قوله تعالى: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾ [البقرة: ٥٠] قال في الكشاف في موضع الحال بمعنى فرقناه ملتبسًا بكم كقوله:

تدوس بنا الجماجم والتريبا.

وفيه دليل للمالكية على أن الأفضل أن يهل إذا انبعثت به راحلته، وقد تقدم نقل الخلاف في ذلك وطريق الجمع بين المختلف فيه.

١٥٤٧ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ".

وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله الجرمي (عن أنس بن مالك ):

(أن النبي صلّى الظهر بالمدينة أربعًا، وصلّى العصر بذي الحليفة ركعتين)، صرح فيه بذكر الظهر والعصر المحذوف في سابقه (قال): أبو قلابة (وأحسبه) (بات بها) أي بذي الحليفة (حتى أصبح) وفي السابقة بغير شك، وقد ساق هذا الحديث هنا باختصار ويأتي إن شاء الله تعالى بأتم منه.

٢٥ - باب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلَالِ

(باب رفع الصوت بالإهلال) أي بالتلبية، قال القاضي عياض: الإهلال بالحج رفع الصوت بالتلبية. قال في المصابيح: تأمل كيف يلتئم حينئذ قوله بالإهلال مع قوله رفع الصوت، ثم قال القاضي عياض: واستهل المولود رفع صوته وكل شيء ارتفع صوته فقد استهل، وبه سمي الهلال لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه، واستبعد ابن المنير هذا الأخير من وجهين:

أحدهما: أن العرب ما كانت تعتني بالأهلة لأنها لا تؤرخ بها، والهلال مسمى بذلك قبل العناية بالتأريخ.

الثاني: أن جعل الإهلال مأخوذًا من الهلال أولى لقاعدة تصريفية وهي أنه إذا تعارض الأمر في اللفظين أيهما أخذ من الآخر جعلنا الألفاظ المتناولة للذوات أصلاً للألفاظ المتناولة للمعاني، والهلال ذات فهو الأصل والإهلال معنى يتعلق به فهو الفرع ذكره في المصابيح.

١٥٤٨ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ "صَلَّى النَّبِيُّ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا".

وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي بالمعجمة ثم المهملة الأزدي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) هو ابن درهم الهضمي الأزدي البصري (عن أيوب) السختياني (عن أبي قلابة) الجرمي (عن أنس قال):

(صلّى النبي بالمدينة الظهر أربعًا والعصر بذي الحليفة ركعتين وسمعتهم) أي الناوين للقران (يصرخون بهما) أي بالحج والعمرة (جميعًا) أو الضمير في سمعتهم راجع إلى النبي ومن معه من أصحابه.

وفي الحديث حجة للجمهور في استحباب رفع الصوت بالتلبية للرجل بحيث لا يضر بنفسه. نعم لا يستحب رفع الصوت بها في ابتداء الإحرام بل يسمع نفسه فقط كما في المجموع، وخرج بالرجل المرأة والخنثى فلا يرفعان صوتهما بل يسمعان أنفسهما فقط كما في قراءة الصلاة فإن رفعا كره، وقد روى أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة أن النبي قال: أمرني جبريل برفع الصوت بالإهلال وقال إنه من شعائر الحج، وهذا كغيره من الأحاديث ليس فيه بيان حكم التلبية، وقد اختلف في ذلك ومذهب الشافعي وأحمد أنه سنة. وفي وجه حكاه الماوردي عن ابن خيران وابن أبي هريرة أنها واجبة يجب بتركها دم. وقال الحنفية: إذا اقتصر على النية ولم يلب لا ينعقد إحرامه لأن الحج تضمن أشياء مختلفة فعلاً وتركًا فأشبه الصلاة فلا يحصل إلا بالذكر في أوله، وقال المالكية: ولا ينعقد إلا بنية مقرونة بقول أو فعل متعلقين به كالتلبية والتوجه إلى الطريق فلا ينعقد بمجرد النية، وقيل ينعقد قاله سند وهو مروي عن مالك.

٢٦ - باب التَّلْبِيَةِ

(باب التلبية) مصدر لبى كزكى تزكية أي قال لبيك وهو عند سيبويه والأكثرين مثنى لقلب ألفه

<<  <  ج: ص:  >  >>