(لا يزالون بخير) وللأربعة في خير (ما انتظروا الخير). عمم الحسن الحكم في كل الخيرات تأنيسًا لأصحابه ومعرفًا لهم أن منتظر الخير في خير فلم يفتهم أجر ما كانوا يتعلمون منه في تلك الليلة (قال قرة:) بن خالد (هو) أي مقول القول الحسن وهو أن القوم لا يزالون إلى آخره (من) جملة (حديث أنس عن النبي ﷺ).
ورواة هذا الحديث الخمسة كلهم بصريون وفيه التحديث والقول وأخرجه مسلم.
٦٠١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: "صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةٍ لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ. فَوَهِلَ النَّاسُ فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﵇ إِلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ. وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ». يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ الْقَرْنَ.
وبه قال (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة الحمصي (عن) ابن شهاب (الزهري قال: حدّثني) بالإفراد (سالم بن عبد الله بن عمر) بن الخطاب (وأبو بكر بن أبي حثمة) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة نسبه إلى جدّه لشهرته به وأبوه سليمان (أن عبد الله بن عمر) بن الخطاب ﵄ (قال):
(صلّى النبي ﷺ صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم) من الصلاة (قام النبي ﷺ فقال أرأيتكم) استفهام تعجب والكاف حرف خطاب أكد به الضمير لا محل له من الإعراب لأنك تقول أرأيتك زيدًا ما شأنه فلو رجعت الكاف مفعولاً كما قاله الكوفيون لعدّيت الفعل إلى ثلاثة مفاعيل وللزم أن يقال أرأيتموكم بل الفعل معلق أو المفعول محذوف تقديره أرأيتكم (ليلتكم هذه)، فاحفظوها واحفظوا تاريخها (فإن رأس مائة لا يبقى) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر مائة سنة لا يبقى (ممن هو اليوم على ظهر الأرض) كلها (أحد) ممن ترونه أو تعرفونه أو أل للعهد، والمراد أرضه التي نشأ بها
وبعث منها قال ابن عمر: (فوهل الناس) بفتح الواو والهاء ويجوز كسرها أي غلطوا وذهب وهمهم إلى خلاف الصواب (في) تأويل (مقالة رسول الله) وللمستملي والكشميهني من مقالة رسول الله بالميم أي من حديثه ولأبي ذر في مقالة النبي (ﷺ إلى ما يتحدثون في هذه) وللحموي والمستملي من هذه (الأحاديث عن مائة سنة) فكان بعضهم يقول تقوم الساعة عند انقضاء مائة سنة كما في حديث أبي مسعود البدري عند الطبراني وردّ عليه ذلك علي بن أبي طالب فبيّن ابن عمر في هذا الحديث مراد الرسول ﷺ بذلك فقال: (وإنما قال النبى ﷺ:) (لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض) (يريد بذلك) أي بقوله مائة سنة (أنها تخرم ذلك القرن.) الذي هو فيه فلا يبقى أحد ممن كان موجودًا حال تلك المقالة وفي ذلك علم من أعلام النبوّة فإنه استقرئ ذلك فكان آخر من ضبط عمره ممّن كان موجودًا إذ ذاك أبو الطفيل عامر بن واثلة. وقد أجمع المحدثون على أنه كان آخر الصحابة موتًا، وغاية ما قيل فيه أنه بقي إلى سنة عشر ومائة وهي رأس مائة سنة من مقالته ﵊، وقد تقدّم مزيد لذلك في باب السمر في العلم، والله المستعان.
٤١ - باب السَّمَرِ مَعَ الضَّيْفِ وَالأَهْلِ
(باب السمر مع الأهل) الزوجة والأولاد والعيال (و) مع (الضيف) ولغير أبي ذر مع الضيف والأهل.
٦٠٢ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: "أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ أَرْبَعٌ فَخَامِسٌ أَوْ سَادِسٌ. وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَشَرَةٍ. قَالَ: فَهْوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي -فَلَا أَدْرِي قَالَ: وَامْرَأَتِي- وَخَادِمٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ. وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ ﷺ، فَجَاءَ بَعْدَمَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: وَمَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ -أَوْ قَالَتْ ضَيْفِكَ- قَالَ: أَوَ مَا عَشَّيْتِيهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عُرِضُوا فَأَبَوْا. قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ. فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ -فَجَدَّعَ وَسَبَّ- وَقَالَ: كُلُوا لَا هَنِيئًا. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا. وَأيْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا. قَالَ: يَعْنِي حَتَّى شَبِعُوا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ. فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا. فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا؟ قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي، لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ -يَعْنِي يَمِينَهُ- ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ فَفَرَّقَنَا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً مَعَ كُلِّ رَجُلٍ
مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. أَوْ كَمَا قَالَ.
[الحديث ٦٠٢ - أطرافه في: ٣٥٨١، ٦١٤٠، ٦١٤١].
وبالسند قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي (قال: حدّثنا معتمر بن سليمان) التيمي (قال: حدّثنا أبي) سليمان بن طرخان (قال: حدّثنا أبو عثمان) عبد الرحمن بن ملّ النهدي (عن عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق ﵄ (أن أصحاب الصفة) التي كانت بآخر المسجد النبوي مظللاً عليها (كانوا أناسًا) بهمزة مضمومة وللكشميهني ناسًا (فقراء،) يأوون إليها (وأن النبي ﷺ قال):
(من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث) من أهل الصفة (وإن) كان عنده طعام (أربع فخامس) أي فليذهب معه بخامس منهم (أو سادس.) مع الخامس أي يذهب معه بواحد أو اثنين أو المراد إن كان عنده طعام خمسة فليذهب بسادس فهو من عطف جملة على جملة وفيه حذف حرف الجر وإبقاء عمله، ويجوز الرفع فيها على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ويضمر مبتدأ للفظ خامس أي فالمذهوب به خامس، وللأصيلي وأبي ذر وإن أربعة، وكلمة أو للتنويع والحكمة في كونه يزيد كل واحد واحدًا فقط أن عيشهم في ذلك