للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن بشرط أن يعتم بعد كمال الطهارة ومشقة نزعها بأن تكون محنكة كعمائم العرب، لأنه عضو يسقط فرضه في التيمم، فجاز المسح على حائله كالقدمين، ووافق الإمام أحمد على ذلك الأوزاعي والثوري وأبو ثور وابن خزيمة.

وقال ابن المنذر: إنه ثبت عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا" واحتج المانعون بقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُم} [المائدة: ٦]. ومن مسح على العمامة لم يمسح على رأسه، وأجمعوا على أنه لا يجوز مسح الوجه في التيمم على حائل دونه فكذلك الرأس. وقال الخطابي: فرض الله مسح الرأس، والحديث في مسح العمامة محتمل للتأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل. قال: وقياسه على مسح الخف بعيد لأنه يشق نزعه بخلافها اهـ.

وأجيب بأن الآية لا تنفي الاقتصار على المسح عليها لا سيما عند من يحمل الشترك على حقيقته ومجازه لأن من قال: قبّلت رأس فلان يصدق ولو كان على حائل، وبأن الذين أجازوا الاقتصار على مسحها شرطوا فيه المشقة في نزعها كما في الخف، وقد مرَّ، والتقييد بالعمامة مخرج للقلنسوة ونحوها فلا يجوز الاقتصار في المسح عليها. نعم روي عن أنس رضي الله عنه أنه مسح على القلنسوة وتحصل سُنَّة مسح جميع الرأس عندنا بتكميله على العمامة عند عسر رفعها أو عند عدم إرادة نزعها. وقال الأصيلي فيما حكاه عنه ابن بطال: ذكر العمامة في هذا الحديث من خطأ الأوزاعي لأن شيبان وغيره رووه عن يحيى بدونها، فوجب تغليب رواية الجماعة على الواحد اهـ.

وأجيب بأن تفرّد الأوزاعي بذكر العمامة على تقدير تسليمه لا يستلزم تخطئته لأنه زيادة من ثقة غير منافية لغيره فتقبل. ورواة هذا الحديث السبعة ما بين مروزي وشامي ومدني وفيه التحديث والإخبار والعنعنة.

(وتابعه) بواو العطف وللأصيلي وابن عساكر تابعه بإسقاطها أي تابع الأوزاعي على رواية هذا المتن (معمر) أي ابن راشد (عن يحيى) ابن أبي كثير (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن عمرو) بالواو بإسقاط جعفر الثابت في السابقة وهذا هو السبب في سياق المؤلف الإسناد ثانيًا ليبيّن أنه ليس في رواية معمر ذكر جعفر بين أبي سلمة وعمرو (قال: رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لم يذكر المتن في هذه الرواية، وهذه المتابعة رواها عبد الرزاق في مصنفه عن معمر بدون ذكر العمامة وهي مرسلة، لكن أخرجها ابن منده في كتاب الطهارة له من طريق عمر بإثباتها وأبو سلمة لم يسمع من عمرو بل من ابنه جعفر فالمتابعة مرسلة.

٤٩ - باب إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَان

هذا (باب) بالتنوين (إذا أدخل رجليه) في الخفين (وهما طاهرتان) من الحدث.

٢٠٦ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ». فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.

وبالسند قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين (قال: حدّثنا زكريا) ابن أبي زائدة الكوفي (عن عامر) هو ابن شراحيل الشعبي التابعي. قال الحافظ ابن حجر: وزكريا مدلس ولم أره من حديثه إلا بالعنعنة، لكن أخرجه الإمام أحمد عن يحيى القطان عن زكريا والقطان لا يحمل عن شيوخه المدلسين إلا ما كان مسموعًا لهم صرّح بذلك الإسماعيلي انتهى.

(عن عروة بن المغيرة عن أبيه) المغيرة بن شعبة رضي الله عنهم (قال):

(كنت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفر) في رجب سنة تسع في غزوة تبوك (فأهويت) أي مددت يدي

أو قصدت أو أشرت أو أومأت (لأنزع خفّيه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقال: دعهما) أي الخفين (فإني أدخلتهما) أي الرجلين حال كونهما (طاهرتين) من الحدثين، وللكشميهني وهما طاهرتان جملة اسمية حالية، ولأبي داود فإني أدخلت القدمين الخفّين وهما طاهرتان الحديث. ثم أحدث عليه الصلاة والسلام (فمسح عليهما) ولابني خزيمة وحبّان أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة إذا تطهر فلبس خفّيه أن يمسح عليهما أي من الحدث بعد اللبس لأن وقت المسح يدخل بابتداء الحدث على الراجح، فاعتبرت مدته منه، واختار في المجموع قول أبي ثور وابن المنذر أن ابتداء المدة من المسح لأن قوة الأحاديث تعطيه، وحديث ابني خزيمة وحبان هذا موافق لحديث الباب في الدلالة على اشتراط الطهارة

<<  <  ج: ص:  >  >>