من المال أقل من عشرين دينارًا أو مائتي درهم فلا تغليظ في ذلك إلا أن يراه القاضي لجراءة في الحالف فله ذلك بناء على الأصح أن التغليظ لا يتوقف على طلب الخصم.
(قضى مروان) بن الحكم الأموي وكان وإلي المدينة من جهة معاوية بن أبي سفيان فيما وصله في الموطأ (باليمين على زيد بن ثابت على المنبر) لما اختصم هو وعبد الله بن مطيع إليه في دار (فقال) أي زيد: (أحلف له مكاني) زاد في الموطأ فقال مروان: لا والله إلا عند مقاطع الحقوق (فجعل زيد
يحلف) أن حقه لحق (وأبى أن يحلف على المنبر، فجعل مروان يعجب منه) أي من زيد. قال الشافعي: لو لم يعرف زيد أن اليمين عند المنبر سنّة لأنكر ذلك على مروان كما أنكر عليه مبايعة الصكوك وهو احترز منه تهيبًا وتعظيمًا للمنبر. قال الشافعي: ورأيت مطرفًا بصنعاء يحلف على المصحف وذلك عندي حسن.
(وقال النبي-ﷺ): فيما تقدم موصولاً في حديث الأشعث (شاهداك أو يمينه) قال المؤلّف: تفقهًا منه (فلم) بالفاء ولأبوي الوقت وذر ولم (يخص) ﵊ (مكانًا دون مكان) واعترض عليه بأنه ترجم لليمين بعد العصر فأثبت التغليظ بالزمان ونفاه هنا بالمكان. وأجيب: بأنه لا يلزم من ترجمته اليمين بعد العصر تغليظ اليمين بالزمان ولم يصرح هناك بشيء من النفي والإثبات.
٢٦٧٣ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالاً لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف قال:
(حدّثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي مولاهم البصري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن ابن مسعود) عبد الله (﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(من حلف على يمين) أي على شيء مما يحلف عليه سمي المحلوف عليه يمينًا لتلبسه باليمين (ليقتطع بها) أي باليمين (مالاً) ليس له (لقي الله) ﷿ يوم القيامة (وهو عليه غضبان) أي يعامله معاملة المغضوب عليه.
وهذا الحديث قد سبق قريبًا ولم تظهر لي المطابقة بينه وبين ما ترجم له فالله يوفق للصواب.
نعم، قال شيخ الإسلام زكريا: مطابقته من حيث أنه لم يقيد الحكم بمكان.
٢٤ - باب إِذَا تَسَارَعَ قَوْمٌ فِي الْيَمِينِ
هذا (باب) بالتنوين (إذا تسارع قوم في اليمين) حيث وجبت عليهم جميعًا أيهم يبدأ أولاً.
٢٦٧٤ - حَدَّثَني إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهَمَ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت: حدّثني بالإفراد (إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي البخاري قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد الأزدي مولاهم البصري (عن همام) هو ابن منبّه الصنعاني (عن أبي هريرة ﵁: أن النبي ﷺ عرض على قوم) تنازعوا عينًا ليست في يد واحد منهم ولا بيّنة (اليمين فأسرعوا) أي إلى اليمين (فأمر) ﵊ (أن يسهم) أي يقرع (بينهم في اليمين أيهم يحلف) قبل الآخر.
وعند النسائي وأبي داود من طريق أبي رافع أن رجلين اختصما في متاع ليس لواحد منهما بيّنة فقال النبي-ﷺ: "استهما على اليمين" الحديث.
ورواه أحمد عن عبد الرزاق وقال: إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها فيستهمان عليها فإذا ادّعى اثنان في يد ثالث وأقام كلٌّ منهما بينة مطلقتي التاريخ أو متفقتيه أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة ولم يقرّ لواحد منهما تعارضتا وتساقطتا وكأنه لا بيّنة.
وأما حديث الحاكم أن رجلين اختصما إلى رسول الله ﷺ في بعير فأقام كلٌّ منهما بيّنة أنه له فجعله النبي ﷺ بينهما. فأجيب عنه: بأنه يحتمل أن البعير كان بيدهما فابطل البيّنتين وقسمه بينهما.
وأما حديث أبي داود أن خصمين أتيا رسول الله ﷺ وأتى كل واحد منهما بشهود فأسهم بينهما وقضى لمن خرج له السهم. فأجيب عنه: بأنه يحتمل أن التنازع كان في قسمة أو عتق.
٢٥ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
(باب قول الله تعالى) ولأبي ذر ﷿ (﴿إن الذين يشترون بعهد الله﴾) يعتاضون عما عاهدوا الله عليه (﴿وأيمانهم﴾) الكاذبة (﴿ثمنًا قليلاً﴾) من حطام