وتسعين في زلّة الكاتب وهفوة القلم بسبعة وسبعين أو سبعة وتسعين أو تسعة وسبعين فينشأ الاختلاف في المسموع من المسطور أكده حسمًا للمادة وإرشادًا إلى الاحتياط بقوله:
(مائة) بالنصب على البدلية (إلا) اسمًا (واحدًا) ولأبي ذر إلا واحدة بالتأنيث ذهابًا إلى معنى التسمية أو الصفة أو الكلمة (من أحصاها) علمًا وإيمانًا أو عدًّا لها حتى يستوفيها فلا يقتصر على بعضها بل يثني على الله ويدعوه بجميعها أو من عقلها وأحاط بمعانيها أو حفظها (دخل الجنة).
وبقية مباحث هذا الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في محالها، وكأن المؤلّف أورده ليستدل به على أن الكلام إنما يتم بآخره فإذا كان فيه استثناء أو شرط عمل به وأخذ ذلك من قوله مائة إلا واحدًا وهو في الاستثناء مسلم فلو قال في البيع: بعث من هذه الصبرة مائة صاع إلا صاعًا صح وعمل به وكان بائعًا لتسعة وتسعين صاعًا، وكذا في الإقرار كما مرّ ولا يؤخذ بأوّل كلامه ويلغى آخره، لكن في استنباط ذلك من هذا الحديث نظر لأن قوله: مائة إلا واحدًا إنما ذكر تأكيدًا لما تقدم فلم يستفد به فائدة مستأنفة حتى يستنبط منه هذا الحكم لحصول هذا المقصود بقوله تسعة وتسعين اسمًا. وأما الشروط فليست صورة الحديث قاله الوليّ بن العراقي.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في التوحيد والترمذي في الدعوات والنسائي في النعوت وابن ماجة في الدعاء.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء الثقفي البغلاني قال: (حدّثنا محمد بن عبد الله الأنصاري) قال: (حدّثنا ابن عون) بفتح المهملة وبالنون عبد الله البصري (قال: أنبأني) بالإفراد أي أخبرني والإنباء يطلق على الإجازة أيضًا كما عرف في موضعه (نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن) أباه (عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- (أصاب أرضًا بخيبر فأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يستأمره) أي يستشيره (فيها فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضًا بخيبر) تسمى ثمغ بفتح المثلثة وسكون الميم وبالغين المعجمة (لم أصب مالاّ قطّ أنفس) أي أجود (عندي منه فما تأمرني به) أن أفعل فيها (قال) عليه السلام:
(إن شئت حبست) بتشديد الموحدة أي وقفت (أصلها وتصدقت بها)(قال: فتصدّق بها عمر أنه لا يباع) أصلها (ولا يوهب ولا يورث وتصدق بها على الفقراء وفي القربى) القرابة في الرحم (وفي) فك (الرقاب) وهم المكاتبون بأن يدفع إليهم شيء من الوقف تفك به رقابهم (وفي سبيل الله) منقطع الحاج ومنقطع الغزاة (وابن السبيل) الذي له مال في بلدة لا يصل إليها وهو فقير (والضيف) من عطف العام على الخاص (لا جناح) لا إثم (على من وليها) ولي التحدّث على تلك الأرض (أن يأكل منها) من ريعها (بالمعروف) بحسب ما يحتمل ريع الوقف على الوجه المعتاد (ويطعم) بالنصب عطفًا على المنصوب بضم الياء من الإطعام بأن يطعم غيره حال كونه (غير متموّل. قال) ابن عون (فحدّثت به) بهذا الحديث (ابن سيرين) محمدًا (فقال غير متأثل) بضم الميم وفتح الفوقية وبعد الهمزة المفتوحة مثلثة مشدّدة مكسورة فلام أي جامع (مالاً) وقول الزركشي مالاً نصب على التمييز. قال الإمام بدر الدين الدماميني: إنه خطأ وإنما نصب على أنه مفعول به أي لمتأثل.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الوصايا وكذا مسلم وأخرجه النسائي في الأحباس والله تعالى أعلم.