للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مما تقدم.

وفيه: أن المباح إذا قصد به وجه الله صار طاعة، ويثاب عليه، وقد نبه عليه بأخس الحظوظ الدنيوية التي تكون في العادة عند الملاعبة، وهو وضع اللقمة في فم الزوجة، فإذا قصد بأبعد الأشياء عن الطاعة وجه الله، ويحصل به الأجر فغيره بالطريق الأولى.

قال سعد (فقلت): ولأبي ذر، وابن عساكر: قلت: (يا رسول الله أخلف) بضم الهمزة وفتح اللام المشددة مبنيًّا للمفعول، يعني بمكة، بعد أصحابي المنصرفين معك، وللكشميهني: أأخلف بهمزة الاستفهام (بعد أصحابيّ؟ قال) عليه الصلاة والسلام:

(إنك لن) وللكشميهني: أن (تخلف) بعد أصحابك (فتعمل عملاً صالحًا إلا ازددت به) أي: بالعمل الصالح (درجة ورفعة، ثم لعلك أن تخلف) أي: بأن يطول عمرك، أي: إنك لن تموت بمكة، وهذا من إخباره عليه الصلاة والسلام بالمغيبات، فإنه عاش حتى فتح العراق. ولعل: للترجي إلا إذا وردت عن الله ورسوله، فإن معناها التحقيق. قال البدر الدماميني: وفيه دخول أن، على خبر لعل، وهو قليل، فيحتاج إلى التأويل (حتى ينتفع بك أقوام) من المسلمين بما يفتحه الله على يديك من بلاد الشرك، ويأخذه المسلمون من الغنائم "ويضر بك آخرون" من المشركين الهالكين على يديك وجندك (اللهم أمض) بهمزة قطع، من الإمضاء وهو الإنفاذ، أي أتتم (لأصحابي هجرتهم) أي: التي هاجروها من مكة إلى المدينة (ولا تردّهم على أعقابهم) بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم، فيخيب قصدهم. قال الزهري، فيما رواه أبو داود الطيالسي، عن إبراهيم بن سعد عنه (لكن البائس) بالموحدة والهمزة آخره سين مهملة، الذي عليه أثر البؤس أي: شدة الفقر والحاجة (سعد بن خولة يرثي له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح المثناة التحتية وسكون الراء وبالمثلثة من يرثي (أن مات بمكة) بفتح الهمزة أي: لأجل موته بالأرض التي هاجر منها، ولا يجوز الكسر على إرادة الشرط، لأنه كان انقضى وتم؛ وهذا موضع الترجمة.

لكن نازع الإسماعيلي المؤلّف بأن هذا ليس من مراثي الوتى، وإنما هو من إشفاق

النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من موته بمكة بعد هجرته منها، وكان يهوى أن يموت بغيرها، وكراهة ما حدث عليه من ذلك، كقولك: أن أرثي لك مما جرى عليك، كأنه يتحزن عليه. قال الزركشي: ثم هو بتقدير تسليمه، ليس بمرفوع، وإنما هو مدرج من قول الزهري.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في: المغازي، والدعوات، والهجرة، والطب، والفرائض، والوصايا، والنفقات، ومسلم في: الوصايا، وكذا أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة.

٣٨ - باب مَا يُنْهَى مِنَ الْحَلْقِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ

(باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة).

١٢٩٦ - وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: "وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ".

(وقال الحكم بن موسى) القنطري بفتح القاف وسكون النون، البغدادي، مما وصله مسلم في صحيحه، وكذا ابن حبان. ومثل هذا يكون على سبيل المذاكرة لا بقصد التحمل، ولأبوي: ذر، والوقت، كما في الفرع: حدّثنا الحكم. لكن قال الحافظ ابن حجر: إنه وهم، لأن الذين جمعوا رجال البخاري في صحيحه أطبقوا على ترك ذكره في شيوخه، فدلّ على أن الصواب رواية الجماعة بصيغة التعليق، قال: (حدّثنا يحيى بن حمزة) قاضي دمشق (عن عبد الرحمن بن جابر) الأزدي، ونسبه إلى جده، واسم أبيه يزيد (أن القاسم بن مخيمرة) بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية وبعد الميم المكسورة راء مهملة مصغرًا، وهو كوفي سكن البصرة (حدثه قال: حدثني) بالإفراد (أبو بردة) بضم الموحدة، عامر أو الحرث (بن أبي موسى) الأشعري (رضي الله عنه قال):

(وجع) بكسر الجيم، أي: مرض أبي (أبو موسى وجعًا) بفتح الجيم زاد ابن عساكر: شديدًا (فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله) بتثليث حاء حجر كما في القاموس، أي: حضنها. زاد مسلم: فصاحت؛ وله من وجه آخر: أغمي على أبي موسى، فأقبلت امرأته، أم عبد الله، تصيح برنة. وفي النسائي، هي: أم عبد الله بنت أبي دومة، وفي تاريخ البصرة، لعمر بن شبة: أن اسمها صفية بنت دمون. وأن ذلك وقع حيث كان أبو موسى أميرًا على البصرة من قبل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه؛ والواو في قوله: ورأسه، للحال (فلم يستطع) أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>