للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي (قال: حدّثنا حماد بن زيد) هو ابن درهم (عن ثابت) البناني (عن أنس) رضي الله عنه، ولأبي ذر والأصيلي زيادة: ابن مالك (قال: إني لا آلو) بمدّ الهمزة وضم اللام، أي: لا أقصر (أن أصلي بكم كما رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي بنا قال ثابت: كان أنس) ولأبي ذر والأصيلي: كان أنس بن مالك (يصنع شيئًا في صلاته لم أركم تصنعونه) في صلاتكم (كان إذا رفع رأسه من الركوع قام) فيمكث معتدلاً (حتى يقول القائل: قد نسي) بفتح النون (و) يمكث جالسًا (بين السجدتين، حتى يقول القائل: قد نسي) أي من طول قيامه.

قال في فتح الباري: وفيه إشعار بأن من خاطبهم ثابت كانوا لا يطيلون بين السجدتين، ولكن السُّنّة إذا ثبتت لا يبالي من تمسك بها مخالفة من خالفها.

١٤١ - باب لَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ

وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: سَجَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا.

هذا (باب) بالتنوين (لا يفترش) بالرفع في الفرع كأصله على النفي، وهو بمعنى النهي، ويجوز الجزم على النهي، أي: لا يبسط المصلي (ذراعيه) أي ساعديه على الأرض، ويتكئ عليهما (في السجود وقال أبو حميد) الساعدي، في حديثه الآتي مطوّلاً إن شاء الله تعالى بعد ثلاثة أبواب: (سجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ووضع يديه) على الأرض حال كونه (غير مفترش) بأن وضع كفّيه على الأرض وأقل ساعديه غير واضعهما على الأرض (ولا قابضهما) بأن ضمهما إليه غير مجافيهما عن جنبيه، وتسميه الفقهاء بالتخوية.

٨٢٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ».

وبالسند السابق أوّل الكتاب قال المؤلّف: (حدّثنا محمد بن بشار) بموحدة مفتوحة فمعجمة مشددة ويقال له بندار (قال: حدّثنا محمد بن جعفر) المعروف بغندر (قال: حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (شعبة) بن الحجاج (قال: سمعت قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه، صرّح في الترمذي بسماع قتادة له من أنس (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال):

(اعتدلوا) أي: توسطوا بين الافتراش والقبض (في السجود، ولا يبسط)، بمثناة تحتية فموحدة ساكنة من غير نون ولا مثناة فوقية (أحدكم ذراعيه) فينبسط (انبساط الكلب) بنون ساكنة فموحدة مكسورة. كذا في رواية ابن عساكر في الكلمتين.

وللأكثرين: ولا ينبسط بنون ساكنة بعد المثناة التحتية فموحدة مفتوحة، من باب: ينفعل، انبساط الكلب، بتسكين النون وكسر الموحدة، كرواية ابن عساكر. وللحموي: ولا يبتسط بموحدة ساكنة بعد المثناة التحتية، فمثناة فوقية مفتوحة من غير نون، من باب: يفتعل، ابتساط الكلب، بموحدة ساكنة فمثناة مكسورة من غير نون.

والحكمة فيه أنه أشبه بالتواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة من الأرض، وأبعد من هيئات الكسالى، فإن المنبسط يشبه الكسالى، ويشعر حاله بالتهاون، لكن لو تركه صحّت صلاته. نعم، يكون مسيئًا مرتكبًا لنهي التنزيه والله أعلم.

والحديث أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

١٤٢ - باب مَنِ اسْتَوَى قَاعِدًا فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ نَهَضَ

(باب من استوى قاعدًا) للاستراحة (في وتر) أي في الركعة الأولى أو الثالثة (من صلاته، ثم نهض) قائمًا.

٨٢٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيُّ "أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا".

وبه قال: (حدّثنا محمد بن الصباح) بفتح المهملة وتشديد الموحدة، الدولابي (قال: أخبرنا هشيم) بضم الهاء وفتح الشين المعجمة، ابن بشير، بفتح الموحدة (قال: أخبرنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد (قال: أخبرنا) وفي رواية لأبي ذر: أخبرني (مالك بن الحويرث الليثي، أنه رأى النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض) إلى القيام (حتى يستوي قاعدًا) للاستراحة.

وبذلك أخذ الشافعي، وطائفة من أهل الحديث، ولم يستحبها الأئمة الثلاثة كالأكثر.

واحتج الطحاوي له بخلو حديث أبي حميد عنها، فإنه ساقه بلفظ: قام ولم يتورك، وكذا أخرجه أبو داود.

وأجابوا عن حديث ابن الحويرث: بأنه، عليه الصلاة والسلام، كانت به علّة فقعد لأجلها، لا أن ذلك من سُنّة الصلاة، ولو كانت مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص.

وأجيب: بأن الأصل عدم العلة، وأما الترك فلبيان الجواز على أنه لم تتفق الرواة عن أبي حميد على نفيها، بل أخرج أبو داود أيضًا من وجه آخر عنه إثباتها، وبأنها جلسة خفيفة جدًّا، فاستغنى فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>