للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قويت همته وفيه إشارة إلى صحة تعدّد الجهات وأن لا يعدّ من التناقض وإن توهّم فيه ذلك لأن كونه جنّة يقتضي أن يتقدم وكونه يقاتل من أمامه يقتضي أن يتأخر فجمع بينهما باعتبارين وجهتين (فإن أمر) رعيته (يتقوى الله وعدل) (فإن له بذلك) الأمر والعدل (أجرًا، وإن قال) أي أم وحكم (بغيره) أي بغير تقوى الله وعدله (فإن عليه منه). وزرًا كذا ثبتت هذه في بعض طرق الحديث كما سيأتي إن شاء الله تعالى وحذفت هنا لدلالة مقابله السابق عليه ومنه للتبعيض، فيكون المراد أن بعض الوزر عليه أو المراد أن الوبال الحاصل منه عليه لا على المأمور، وحكى صاحب الفتح أنه وقع في رواية أبي زيد المروزي: فإن عليه منه بضم الميم وتشديد النون بعدها هاء تأنيث قال: وهي تصحيف بلا ريب، وبالأولى جزم أبو ذر.

١١٠ - باب الْبَيْعَةِ فِي الْحَرْبِ أَنْ لَا يَفِرُّوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْمَوْتِ

لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨].

(باب البيعة في الحرب) على (أن لا يفروا وقال بعضهم على الموت) أي على أن لا يفروا ولو ماتوا (لقوله تعالى): ولأبي ذر: عز وجل بدل قوله تعالى: ({لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك}) يوم الحديبية بيعة الرضوان ({تحت الشجرة}) [الفتح: ١٨]. السمرة أو أم غيلان وهم يومئذ ألف وخمسمائة وأربعون رجلاً وقد أخبر سلمة بن الأكوع وهو من بايع تحت الشجرة أنه بايع على الموت وليس المراد أن يقع الموت ولا بدّ بل عدم الفرار ولو ماتوا.

٢٩٥٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "رَجَعْنَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعْنَا تَحْتَهَا، كَانَتْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ. فَسَأَلْتُ نَافِعًا: عَلَى أَىِّ شَىْءٍ بَايَعَهُمْ، عَلَى الْمَوْتِ؟ قَالَ: لَا، بَايَعَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ".

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) المنقري التبوذكي قال: (حدّثنا جويرية) بضم الجيم مصغرًا جارية ابن أسماء الضبعي البصري (عن نافع) مولى ابن عمر (قال: قال عمر) ابن الخطاب (-رضي الله عنهما- رجعنا من العام المقبل)، الذي بعد صلح الحديبية إليها (فما اجتمع منا اثنان على الشجرة النبي بايعنا تحتها) أي ما وافق منا رجلان على هذه الشجرة أنها هي التي وقعت المبايعة تحتها بل خفي مكانها أو اشتبهت عليهم لئلا يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير فلو بقيت لما أمن من

تعظيم الجهال لها حتى ربما يفضي بهم إلى اعتقاد أنها تضر وتنفع فكان في إخفائها رحمة، وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله: (كانت رحمة من الله). قال جويرية (فسألت) ولأبي ذر عن الكشميهني: فسألنا (نافعًا) مولى ابن عمر (على أيّ شيء بايعهم) عليه السلام (على الموت) فهمزة الاستفهام مقدرة (قال: لا. بايعهم) ولأبي ذر عن الكشميهني بل بايعهم (على الصبر) أي على الثبات وعدم الفرار سواء أفضى بهم ذلك إلى الموت أم لا.

٢٩٥٩ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا كَانَ زَمَنَ الْحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ. فَقَالَ: لَا أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-". [الحديث ٢٩٥٩ - طرفه في: ٤١٦٧].

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي وسقط عند أبي ذر ابن إسماعيل قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد قال: (حدثنا عمرو بن يحيى) بفتح العين وسكون الميم الأنصاري المدني (عن عباد بن تميم) بفتح العين وتشديد الموحدة ابن زيد بن عاصم (عن) عمه (عبد الله بن زيد) الأنصاري المدني (-رضي الله عنه- قال: لما كان زمن الحرة) بفتح الحاء وتشديد الراء أي زمن وقعة الحرة وهي حرة زهرة أو واقم بالمدينة سنة ثلاث وستين، وسببها أن عبد الله بن حنظلة وغيره من أهل المدينة وفدوا إلى يزيد بن معاوية فرأوا منه ما لا يصلح فرجعوا إلى المدينة فخلعوه وبايعوا عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-، فأرسل يزيد بن مسلم بن عقبة فأوقع بأهل المدينة وقعة عظيمة قتل من وجوه الناس ألفًا وسبعمائة ومن أخلاط الناس عشرة آلاف سوى النساء والصبيان (أتاه آتِ فقال له: إن ابن حنظلة) هو عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الذي يعرف أبوه بغسيل الملائكة وكان أميرًا على الأنصار (يبايع الناس على الموت فقال) عبد الله بن زيد (لا أبايع على هذا أحدًا بعد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) والفرق أنه عليه الصلاة والسلام يستحق على كل مسلم أن يفديه بنفسه بخلاف غيره، وهل يجوز لأحد أن يستهدف عن أحد لقصد وقايته أو يكون ذلك من إلقاء اليد إلى التهلكة؟ تردد فيه ابن المنير قال: لا خلاف أنه لا يؤثر أحد أحدًا بنفسه لو كان في مخمصة ومع أحدهما قوت نفسه خاصة قاله في المصابيح.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي وكذا مسلم.

٢٩٦٠ - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَايَعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ أَلَا تُبَايِعُ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَأَيْضًا. فَبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ، عَلَى أَىِّ

شَىْءٍ، كُنْتُمْ تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ". [الحديث ٢٩٦٠ - أطرافه في: ٤١٦٩، ٧٢٠٦، ٧٢٠٨].

وبه قال: (حدّثنا المكي بن إبراهيم) بن بشير بن فرقد الحنظلي التميمي قال: (حدّثنا يزيد بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>