(حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا معاوية بن عمرو) بفتح العين قال: (حدّثنا أبو إسحاق) إبراهيم بن محمد بن الحرث الفزاري (عن حميد) الطويل أنه (قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه- يقول: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا غزا قومًا لم يغر) بضم أوّله من الإغارة (حتى يصبح فإن سمع أذانًا أمسك) عن قتالهم (إن لم يسمع أذانًا أغار) عليهم (بعدما يصبح) أي أنه كان إذا لم يعلم حال القوم هل بلغتهم الدعوة أم لا ينتظر بهم الصباح ليستبرئ حالهم بالأذان فإن سمعه أمسك عن قتالهم وإلاّ أغار عليهم، (فنزلنا خيبر ليلاً) نصب على الظرفية.
٢٩٤٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا ... ".
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا إسماعيل بن جعفر) أي ابن أبي كثير (عن حميد) الطويل (عن أنس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا غزا بنا) هذا طريق آخر لحديث أنس أخرجه بتمامه في الصلاة بلفظ: إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر فإن سمع أذانًا كفّ عنهم وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم الحديث.
٢٩٤٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بن مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهَا لَيْلاً -وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ- فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتْ يَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: وحدّثنا بواو العطف (عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن حميد) الطويل (عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج إلى خيبر فجاءها ليلاً) نصب على الظرفية (وكان إذا جاء قومًا بليل لا يغير) وفي رواية: لم يغر (عليهم حتى يصبح) أي يطلع الفجر (فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم) بتخفيف الياء هي كالمجارف إلاّ أنها من حديد (ومكاتلهم)، قففهم لزرعهم (فلما رأوه قالوا) جاء (محمد والله محمد والخميس) بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم أي الجيش لأنه خمس فرق المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساقة (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(الله أكبر) ثلثه الطبراني في روايته (خربت خيبر) قاله بوحي أو تفاؤلاً لما رأى آلات الخراب معهم من المساحي والمكاتل (إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين) وهذا طريق ثالث لحديث أنس؛ وأخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي والترمذي والنسائي في السير.
٢٩٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ". رَوَاهُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدّثني (سعيد بن السيب أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(أُمرت أن) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول أي أمرني الله تعالى بأن (أُقاتل الناس) أي بمقاتلة الناس وهو من العام الذي أريد به الخاص فالمراد بالناس المشركون من غير أهل الكتاب ويدل له رواية النسائي بلفظ: أُمرت أن أقاتل المشركين (حتى) أي إلى أن (يقولوا لا إله إلا الله) ولمسلم: حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله محمدًا رسول الله، وزاد في حديث ابن عمر عند المؤلّف في كتاب الإيمان: إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة (فمن قال لا الله إلاّ الله فقد عصم) أي حفظ (مني نفسه وماله إلاّ بحقه) أي الإسلام من قتل النفس المحرمة والزنا بعد الإحصان والارتداد عن الدين (وحسابه على الله) فيما يسره من الكفر والمعاصي يعني أنا نحكم عليه بالإسلام ونؤاخذه بحقوقه بحسب ما يقتضيه ظاهر حاله.
(رواه عمر وابن عمر) بضم العين فيهما مثل حديث أبي هريرة هذا (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وقد وصل المؤلّف رواية عمر في الزكاة ورواية ابنه في الإيمان.
١٠٣ - باب مَنْ أَرَادَ غَزْوَةً فَوَرَّى بِغَيْرِهَا، وَمَنْ أَحَبَّ الْخُرُوجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ
هذا (باب) بيان (من أراد غزوة فورّى) بتشديد الراء سترها وكنّى عنها (بغيرها)، أي بغير تلك الغزوة التي أرادها والتورية أن يذكر لفظًا يحتمل معنيين: أحدهما أقرب من الآخر مثلاً فيسأل عنه وعن طريقه فيفهم السامع بسبب ذلك أنه يقصد المكان القريب، فالمتكلم صادق لكن الخلل وقع من فهم السامع خاصة، وأصله من وراء الإنسان لأن من ورّى بشيء فكأنه جعله وراءه، وقيده السيرافي في شرح سيبويه بالهمزة قال: وأصحاب الحديث يسقطونها اهـ.
وليس ذلك خطأ منهم في الصحاح واريت الشيء أي أخفيته وتوارى هو أي استتر قال: وتقول وريت الخبر تورية إذا سترته وأظهرت غيره، ولا يقال إن كونه مأخوذًا من وراء