ولكنما أهلي بواد أنيسه … ذئاب يبغي الباس مثنى وموحد
ولم يقولوا ثلاث وخماس ويريدون ثمانية كما قال تعالى: ﴿ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم﴾ وللجهل بموقع هذه الألفاظ استعملها المتنبي في غير موضع التقسيم فقال:
أحاد أم سداس في أحاد … ليلتنا المنوطة بالتناد
٥٠٩٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ قَالَ: الْيَتِيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وَهْوَ وَلِيُّهَا فَيَتَزَوَّجُهَا عَلَى مَالِهَا وَيُسِيءُ صُحْبَتَهَا وَلَا يَعْدِلُ فِي مَالِهَا فَلْيَتَزَوَّجْ مَا طَابَ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهَا مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ.
وبه قال: (حدّثنا محمد) هو ابن سلام البيكندي قال: (أخبرنا عبدة) بسكون الموحدة ابن سليمان (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) ﵂ أنها قالت: في قوله تعالى: (﴿وإن خفتم﴾) بالواو ولأبي ذر فإن خفتم (﴿أن لا تقسطوا في اليتامى﴾) [النساء: ٣] أي أن لا تعدلوا فيهم (قال) أي عروة عن عائشة ولأبي ذر قالت: هي (اليتيمة تكون عند الرجل) سقط لفظ تكون لأبي ذر (وهو وليها) القائم بأمورها (فيتزوجها على مالها ويسيء صحبتها) بضم الياء من الإساءة (ولا يعدل في مالها فليتزوج ما) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من (طاب له من النساء سواها مثنى وثلاث ورباع) والإجماع على أنه لا يجوز للحر أن ينكح أكثر من أربع لما سبق إلا قول رافضي ونحوه ممن لا يعتد بخلافه، فإن احتجوا بأنه ﷺ توفي عن تسع ولنا به أسوة قلنا: هذا من خصائصه ﷺ كغيره من الأنبياء فلا دليل فيه وهو معارض بقوله ﷺ لغيلان وقد أسلم وتحته عشر نسوة: أمسك أربعًا وفارق سائرهن. رواه ابن حبان والحاكم وغيرهما وصححوه وهو يدل على تخصيصه ﷺ بذلك، فلو جمع الرجل خمسًا في عقد واحد لم يصح نكاحهن إذ لا أولوية لإحداهن على الباقيات فإن كان فيهن أختان اختصتا بالبطلان دون غيرهما عملًا بتفريق الصفقة، وإنما بطل فيهما معًا لأنه لا يمكن الجمع بينهما ولا أولوية لإحداهما على الأخرى أو مرتبًا فالخامسة.
وهذا الحديث قد سبق غير مرة.
٢٠ - باب ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾
وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ
هذا (باب) بالتنوين في حكم الرضاع لقوله تعالى: (﴿وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم﴾) هو معطوف على قوله تعالى: ﴿حرّمت عليكم أمهاتكم﴾ [النساء: ٢٣] قال في الفتح: ووقع هنا في بعض الشروح كتاب الرضاع ولم أره في شيء من الأصول انتهى. والرضاع بفتح الراء وكسرها اسم لمص الثدي وشرب لبنه، وهذا جرى على الغالب الموافق للغة وإلاّ فهو اسم لحصول لبن امرأة أو ما حصل منه في جوف طفل والأصل في تحريمه قبل الإجماع هذه الآية (و) حديث (يحرم من الرضاعة) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من الرضاع (ما يحرم من النسب) وهو مروي في الصحيحين وجعل سببًا للتحريم لأن جزءًا من المرضعة وهو اللبن صار جزءًا للرضيع باغتذائه به فأشبه منيِّها وحيضها وأركانه ثلاثة: المرضع فيشترط كونها امرأة حيّة بلغت سنّ الحيض وإن لم تلد فلا تحريم بلبن رجل وخنثى ولا لبن بهيمة ولا لبن انفصل عن ميتة، والثاني: اللبن فيثبت به التحريم وإن تغير كالجبن والزبد أو عجن به دقيق أو خالطه ماء أو مائع وغلب اللبن على الخليط وكذا لو كان مغلوبًا بحيث لم يبق من صفاته الثلاث الطعم واللون والريح حسًّا وتقديرًا شيء فإنه يثبت به التحريم لكن يشترط شرب الجميع وكون اللبن المخلوط مقدار ما لو كان منفردًا أثر في التحريم بأن يمكن أن يسقى منه خمس دفعات، والثالث: المحل وهي معدة الطفل الحي أو دماغه لا ابن حولين ولا أثر له عند الشافعية دون خمس رضعات إلا إن حكم به حاكم يراه فلا ينقض حكمه.
٥٠٩٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «أُرَاهُ فُلَانًا»، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ». قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: «نَعَمِ الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ».
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) إمام الأئمة ودار الهجرة (عن عبد الله بن أبي بكر) أي ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري (عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي ﷺ) ﵂ (أخبرتها أن رسول الله ﷺ كان عندها) في حجرتها (وأنها سمعت صوت رجل) أي يقف الحافظ ابن حجر على اسمه (يستأذن في بيت حفصة) أم المؤمنين (قالت) عائشة: (فقلت: يا رسول الله هذا رجل يستأذن