للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أكثر العلماء، واستدلّ ابن عباس على ذلك بأن الله خلق السماوات سبعًا والأرضين سبعًا والأيام سبعًا وأن الإنسان خلق من سبع وجعل رزقه في سبع ويسجد على سبعة أعضاء والطواف سبع والجمار سبع واستحسن ذلك عمر بن الخطاب، وقال ابن قدامة: إن ابن عباس استنبط ذلك من عدد كلمات السورة وفد وافقه أن قوله فيها هي سابع كلمة بعد العشرين، واستنبطه بعضهم من وجه آخر فقال: ليلة القدر تسعة أحرف، وقد أعيدت في السورة ثلاث مرات وذلك سبع وعشرون، واستدلّ أبي بن كعب على ذلك بطلوع الشمس في صبيحتها لا شعاع لها ولفظ رواية مسلم أنه كان يحلف على ذلك ويقول بالآية والعلامة التي أخبرنا بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها وقد جاء أن لليلة القدر علامات تظهر فقيل يرى كل شيء ساجدًا، وقيل ترى الأنوار في كل مكان ساطعة حتى في المواضع الظلمة، وقيل يسمع سلامًا من الملائكة، وقيل علامتها استجابة دعاء من وقعت له.

وفي كتاب فضائل رمضان لسلمة بن شبيب عن فرقد أن ناسًا من الصحابة كانوا في المسجد فسمعوا كلامًا من السماء ورأوا نورًا من السماء وبابًا من السماء وذلك في شهر رمضان فأخبروا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما رأوا فزعم أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: أما النور فنور رب العزة تعالى، وأما الباب فباب السماء، والكلام كلام الأنبياء. وهذا مرسل ضعيف ولا يلزم من تخلف العلامة عدمها فرب قائم فيها لم يحصل له منها إلا العبادة ولم ير شيئًا من كرامة علاماتها وهو عند الله أفضل ممن رآها وأي كرامة أفضل من الاستقامة التي هي عبارة عن اتباع الكتاب والسنّة وإخلاص النية. وعن

مالك أنها تنتقل في العشر الأواخر من رمضان، وعن أبي حنيفة أنها في رمضان تتقدم وتتأخر، وعن أبي يوسف ومحمد لا تتقدم ولا تتأخر لكن غير معينة، وقيل هي عندهما في النصف الأخير من رمضان. وقال أبو بكر الرازي: هي غير مخصوصة بشهر من المشهور، وبه قال الحنفية وفي فتاوى قاضي خان المشهور عن أبي حنيفة أنها تدور في السنة كلها وقد تكون في رمضان وفي غيره، وصح ذلك عن ابن مسعود لكن في صحيح مسلم وغيره عن زر بن حبيش قال: سألت أبي بن كعب فقلت: إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر. فقال رحمه الله: أراد أن لا يتكل الناس أما أنه علم أنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر وأنها ليلة سبع وعشرين، وقيل أرجاها ليالي الجمع في الأوتار، وقيل أنها أول ليلة في رمضان، وقيل آخر ليلة منه، وقيل أنها تختص بإشفاع العشر الأخير على الإبهام، وقيل في كل ليلة من إشفاعه على التعيين، وقيل تكون في ليلة

أربع عشرة، وقيل في سبع عشرة، وقيل ليلة تسع عشرة.

وعن ابن خزيمة من الشافعية أنها تنتقل في كل سنة إلى ليلة من ليالي العشر الأخير، واختاره النووي في الفتاوى وشرح المهذّب، وقيل غير ذلك مما يطول استقصاؤه.

وأما قول ابن العربي: الصحيح أنها لا تعلم فأنكره النووي بأن الأحاديث قد تظاهرت بإمكان العلم بها وأخبر به جماعة من الصالحين فلا معنى لإنكار ذلك.

وقد جزم ابن حبيب من المالكية ونقله الجمهور وحكاه صاحب العدة من الشافعية ورجحه أن ليلة القدر خاصة بهذه الأمة ولم تكن في الأمم قبلهم، وهو معترض بحديث أبي ذر عند النسائي حيث قال فيه قلت: يا رسول الله أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت؟ قال: بل هي باقية، وعمدتهم قول مالك السابق بلغني أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تقاصر أعمال أمته الخ. وهذا محتمل للتأويل فلا يدفع الصريح في حديث أبي ذر كما قاله الحافظان ابن حجر في فتح الباري، وابن كثير في تفسيره.

٥ - باب الْعَمَلِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ

(باب) الاجتهاد في (العمل في العشر الأواخر من) وللحموي والمستملي: في (رمضان).

٢٠٢٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ".

وبالسند قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن أبي يعفور) بفتح المثناة التحتية وسكون العين المهملة وضم الفاء آخره راء منصرفًا عبد الرحمن بن عبيد البكائي العامري (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح مصغر صبح (عن مسروق) هو ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>