يطيب ذلك) بضم الياء وفتح الطاء وتشديد الياء أي من أحب أن يطيب نفسه بدفع السبي إلى هوازن (فليفعل) جواب من المتضمنة معنى الشرط (ومن أحب) أي منكم (أن يكون على حظه) أي نصيبه من السبي (حتى نعطيه إياه) أي عوضه (من أوّل ما يفيء الله عليها) بضم الياء وكسر الفاء من أفاء أي يرجع إلينا من أموال الكفار وجواب الشرط فليفعل وحذف هنا في هذه الطريق (فقال الناس: طيبنا لك) زاد في العتق ذلك وقد سبق فيه إن هذه الرواية مرسلة لأن مروان لا صحبة له، والمسور لم يحضر القصة، ومراد المؤلّف منه هنا قوله ﷺ: "وإني رأيت أن أردّ إليهم سبيهم فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل" مع قولهم طيبنا لك ففيه أنهم وهبوا ما غنموه من السبي قبل أن يقسم وذلك في معنى الغائب وتركهم إياه في معنى الهبة كذا قرره في فتح الباري، وفيه من التعسّف ما لا يخفى وإطلاق الترك على الهبة بعيد.
وزعم ابن بطال أن فيه دليلاً على أن للسُّلطان أن يرفع أملاك قوم إذا كان في ذلك مصلحة واستئلاف، وتعقبه ابن المنير بأنه لا دليل فيه على ذلك بل في نفس الحديث أنه ﷺ لم يفعل ذلك إلا بعد تطييب نفوس المالكين، ولا يسوغ للسلطان نقل أملاك الناس وكل أحد أحقّ بماله، وتعقبه ابن الدماميني من المالكية فقال: لنا في المذهب صورة ينقل فيها السلطان ملك الإنسان عنه جبرًا كدار
ملاصقة للجامع الذي احتيج إلى توسعته وغير ذلك لكنه لا ينقل إلا بالثمن قال: وهو مراد على عموم كلامه.
وهذا الحديث قطعة من حديث سبق في العتق.
١١ - باب الْمُكَافَأَةِ فِي الْهِبَةِ
(باب المكافاة في الهبة) بالهمزة وقد يترك مفاعلة بمعنى المقابلة وللكشميهني الهدية بالدال المهملة بدل الهبة بالموحدة.
٢٥٨٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا". لَمْ يَذْكُرْ وَكِيعٌ وَمُحَاضِرٌ: "عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ".
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا عيسى بن يونس) بن إسحاق السبيعي بفتح السين المهملة وكسر الباء (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة ﵂) أنها (قالت) (كان رسول الله ﷺ يقبل الهدية ويثيب عليها) أي يعطي الذي يهدي له بدلها. واستدلّ به بعض المالكية على وجوب الثواب على الهدية إذا أطلق وكان ممن يطلب مثله الثواب كالفقير للغني بخلاف ما يهبه الأعلى للأدنى، ووجه الدلالة منه مواظبته ﷺ على ذلك، ومذهب الشافعية لا يجب بمطلق الهبة والهدية إذ لا يقتضيه اللفظ ولا العادة ولو وقع ذلك من الأدنى إلى الأعلى كما في إعارته له إلحاقًا للأعيان بالمنافع فإن أثابه المتهب على ذلك فهبة مبتدأة، وإذا قيدها المتعاقدان بثواب معلوم لا مجهول صحّ العقد بيعًا نظرًا للمعنى فإنه معاوضة مال بمال معلوم كالبيع بخلاف ما إذا قيّداها بمجهول لا يصح لتعذره بيعًا وهبة. نعم المكافأة على الهدية والهبة مستحبة اقتداء به ﷺ.
وأشار المؤلّف بقوله: (لم يذكر وكيع) هو ابن الجراح فيما وصله ابن ابي شيبة (ومحاضر) بضم الميم وكسر الضاد المعجمة ابن المورع بتشديد الراء المكسورة وبالعين المهملة الكوفي (عن هشام عن أبيه) عروة (عن عائشة) إلى أن عيسى بن يونس تفرد بوصل هذا الحديث عن هشام، وقد قال الترمذي والبزار لا نعرفه موصولاً إلاّ من حديث عيسى بن يونس وهو عند الناس مرسل. قال ابن حجر: ورواية محاضر لم أقف عليها.
ومطابقة الحديث للترجمة متجهة إذا أريد بلفظ الهبة معناها الأعم، والحديث أخرجه أبو داود في البيوع والترمذي في البر.
١٢ - باب الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ
وَإِذَا أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ وَيُعْطِيَ الآخَرُ مِثْلَهُ، وَلَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ».
وَهَلْ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَطِيَّتِهِ؟ وَمَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَتَعَدَّى؟
"وَاشْتَرَى النَّبِيُّ ﷺ مِنْ عُمَرَ بَعِيرًا ثُمَّ أَعْطَاهُ ابْنَ عُمَرَ وَقَالَ: اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ".
(باب) حكم (الهبة للولد) من الوالد (وإذا أعطى) الوالد (بعض ولده شيئًا لم يجز) له ذلك (حتى يعدل بينهم ويعطي الآخرين مثله) وللحموي والمستملي ويعطى بضم أوّله وفتح ثالثه الآخر بالإفراد والرفع نائبًا عن الفاعل (ولا يشهد عليه) مبني للمفعول والضمير في عليه للأب أي لا يسع الشهود أن يشهدوا على الأب إذا فضل بعض بنيه على بعض.
(وقال النبي ﷺ) فيما وصله في الباب اللاحق من حديث النعمان (اعدلوا بين أولادكم في العطية) هبة أو هدية أو صدقة وسقط