للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٩] سورة الْحُجُرَاتِ

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا تُقَدِّمُوا}: لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ. {امْتَحَنَ}: أَخْلَصَ. {تَنَابَزُوا}: يُدْعَى بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلَامِ. يَلِتْكُمْ: يَنْقُصْكُمْ. أَلَتْنَا: نَقَصْنَا.

([٤٩] سورة الْحُجُرَاتِ)

مدنية وآيها ثمان عشرة ولأبي ذر: سورة الحجرات (بسم الله الرحمن الرحيم) وسقطت البسملة لغير أبي ذر.

(وقال مجاهد) فيما وصله عبد بن حميد في قوله تعالى: ({لا تقدموا}) [الحجرات: ١] بضم أوله وكسر ثالثه أي (لا تفتاتوا على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بشيء (حتى يقضي الله على لسانه) ما شاء وقال الزركشي الظاهر أن هذه التفسير على قراءة ابن عباس بفتح التاء والدال وكذا قيده

البياسي وهي قراءة يعقوب الحضرمي والأصل لا تتقدموا فحذف إحدى التاءين وقال في المصابيح متعقبًا لقول الزركشي ليس هذا بصحيح بل هذا التفسير متأتٍّ على القراءة المشهورة أيضًا فإن قدم بمعنى تقدم قال الجوهري وقدم بين يديه أي تقدم قال الله تعالى: {لا تقدموا بين يدي الله} [الحجرات: ١] اهـ.

قال الإمام فخر الدين: والأصح أنه إرشاد عامّ يشمل الكل ومنع مطلق يدخل فيه كل افتيات وتقدم واستبداد بالأمر وإقدام على فعل غير ضروري من غير مشاورة.

({امتحن}) في قوله تعالى: {أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى} [الحجرات: ٣] قال مجاهد فيما وصله الفريابي أي (أخلص) من امتحن الذهب إذا أذابه وميز إبريزه من خبيثه.

({تنابزوا}) ولأبي ذر: ولا تنابزوا قال مجاهد فيما وصله الفريابي بنحوه أي (لا يدعى) الرجل (بالكفر بعد الإسلام) وقال الحسن كان اليهودي والنصراني يسلم فيقال له بعد إسلامه يا يهودي يا نصراني فنهوا عن ذلك وزاد أبو ذر قبل قوله: تنابزوا باب بالتنوين وسقط لغيره.

(يلتكم) قال مجاهد فيما وصله الفريابي أي (ينقصكم) من أجوركم (ألتنا) أي (نقصنا) وهذا الأخير من سورة الطور وذكره استطرادًا.

١ - باب: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآيَةَ. {تَشْعُرُونَ}: تَعْلَمُونَ وَمِنْهُ الشَّاعِرُ

({لا ترفعوا}) ولأبي ذر باب بالتنوين لا ترفعوا ({أصواتكم فوق صوت النبي}) [الحجرات: ٢] (الآية) أي إذا كلمتموه لأنه يدل على قلة الاحتشام وترك الاحترام ومن خشي قلبه ارتجف وضعفت حركته الدافعة فلا يخرج منه الصوت بقوة ومن لم يخف بالعكس وليس المراد بنهي الصحابة عن ذلك أنهم كانوا مباشرين ما يلزم منه الاستخفاف والاستهانة كيف وهم خير الناس بل المراد أن التصويت بحضرته مباين لتوقيره وتعزيره.

({تشعرون}) أي (تعلمون. ومنه الشاعر) والمعنى أنكم إن رفعتم أصواتكم وتقدمتم فذلك يؤدي إلى الاستحقار وهو يفضي إلى الارتداد وهو محبط وقوله: {وأنتم لا تشعرون} إشارة إلى أن الردة تتمكن من النفس بحيث لا يشعر الإنسان فإن مَن ارتكب ذنبًا لم يرتكبه في عمره تراه نادمًا غاية الندامة خائفًا غاية الخوف فإذا ارتكبه مرارًا قلّ خوفه وندامته ويصير عادة أعاذنا الله من سائر المكروهات.

٤٨٤٥ - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. قَالَ: كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رضي الله عنهما- رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ قَالَ نَافِعٌ لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إِلَاّ خِلَافِي قَالَ: مَا أَرَدْتُ

خِلَافَكَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: ٢] الآيَةَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ. يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ.

وبه قال: (حدّثنا يسرة بن صفوان بن جميل) بفتح التحتية والسين المهملة المخففة وجميل بفتح الجيم وكسر الميم (اللخمي) بفتح اللام وسكون الخاء المعجمة قال: (حدّثنا نافع بن عمر) الجمحي المكي (عن أبي مليكة) بضم الميم مصغرًا عبد الله أنه (قال: كاد الخيران) بفتح المعجمة وتشديد التحتية الفاعلان للخير الكثير (أن يهلكا) بكسر اللام وإثبات أن قبل وحذف نون الرفع في الفرع وأصله نصب بأن ولأبي ذر يهلكان بنون الرفع مع ثبوت أن قبل وقال في الفتح كاد الخيران يهلكان يعني بحذف أن وإثبات نون الرفع لأبي ذر وفي رواية يهلكا بحذف النون نصب بتقدير أن قال وقد أخرجه أحمد عن وكيع عن نافع عن ابن عمر بلفظ أن يهلكا ونسبها ابن التين لرواية أبي ذر (أبا بكر) نصب خبر كاد (وعمر) عطف عليه (-رضي الله عنهما-) ولأبي ذر أبو بكر وعمر بالرفع فيهما (رفعا أصواتهما عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قدم عليه ركب بني تميم) سنة تسع وسألوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يؤمر عليهم أحدًا (فأشار أحدهما) هو عمر بن الخطاب كما عند ابن جريج في الباب التالي (بالأقرع) واسمه فراس (بن حابس أخي بني مجاشع) بضم الميم وبعد الجيم ألف فشين معجمة فعين مهملة التميمي الدارمي (وأشار الآخر) هو أبو بكر (برجل آخر قال نافع)

<<  <  ج: ص:  >  >>