أبا الحجاج بن جبر مولى السائب بن أبي السائب المخزومي (يقول: حدّثني) بالإفراد (عبد الرحمن بن أبي ليلى) الأنصاري عالم الكوفة (أنهم كانوا عند حذيفة) بن اليمان (فاستسقى فسقاه مجوسي) أي يعرف الحافظ ابن حجر اسمه ولمسلم من حديث عبد الله بن حكيم قال: كنا مع حذيفة بالمدائن فاستسقى حذيفة فجاءه دهقان بشراب في إناء من فضة (فلما وضع القدح) الذي فيه الماء (في يده رماه) أي رمى المجوسي (به) بالقدح أو رمى القدح بالشراب ولأبي ذر رمي به وزاد في رواية عند الإسماعيلي وأصله في مسلم رماه به فكسره (وقال لولا أني) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لولا أنه (نهيته) بلساني (غير مرة ولا مرتين) عن استعمال آنية الذهب والفضة ما رميته لكنه لما لم ينته بالنهي اللساني مع تكراره رميته به تغليطًا عليه (كأنه) أي حذيفة (يقول لم أفعل هذا ولكني سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(لا تلبسوا الحرير والديباج) الثياب المتخذة من الإبريسم فارسيّ معرّب (ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها) هذا على حدّ قوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها}[التوبة: ٣٤] فالضمير عائد على الفضة ويلزم حكم الذهب بطريق الأولى (فإنها لهم) للكفار (في الدنيا) قال الإسماعيلي: ليس المراد بقوله لهم في الدنيا إباحة استعمالهم إياها وإنما المعنى أي هم الذين يستعملونها مخالفة لزي المسلمين (ولنا) ولأبي ذر وهي لكم (في الآخرة) مكافأة على تركها في الدنيا ويمنعها أولئك جزاء لهم على معصيتهم باستعمالها.
وعند أحمد من طريق مجاهد عن ابن أبي ليلى: نهى أن يشرب في آنية الذهب والفضة وأن يؤكل فيها، وهذا في الذي كله ذهب أو فضة أما المخلوط أو المضبب أو المموّه فروى الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر رفعه: من شرب في آنية الذهب والفضة أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في جوفه نار جهنم، لكن قال البيهقي: المشهور أنه عن ابن عمر موقوف عليه، وهو عند ابن أبي شيبة من طريق أخرى عنه أنه كان لا يشرب من قدح فيه حلقة فضة ولا ضبة فضة، وفي الأوسط للطبراني من حديث أم عطية: نهى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن تفضيض الأقداح ثم رخص فيه للنساء فيحرم استعمال كل إناء جميعه أو بعضه ذهب أو فضة لما ذكر واتخاذه لأنه يجرّ إلى استعماله وسواء في ذلك الرجال والنساء وكذا المضبب بأحدهما وضبة الفضة الكبيرة لغير حاجة بأن كانت لزينة أو بعضها لزينة وبعضها لحاجة فيحرم استعمال ذلك واتخاذه وإن كانت صغيرة لغير حاجة بأن كانت لزينة أو بعضها لزينة وبعضها لحاجة كبيرة لحاجة كره ذلك لما روى البخاري -رحمه الله تعالى- أن قدحه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي كان يشرب فيه كان مسلسلًا بفضة لانصداعه أي مشبعًا بخيط فضة لانشقاقه وخرج بغير حاجة الصغيرة لحاجة فلا تكره ومرجع الكبيرة والصغيرة للعرف، وإنما حرمت ضبة الذهب مطلقًا لأن الخيلاء فيه أشد من الفضة ويحل نحو نحاس مموّه بذهب أو فضة إن لم يحصل من ذلك شيء بالنار لقلة المموّه به فكأنه معدوم بخلاف ما إذا حصل منه شيء بها لكثرته.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الأشربة واللباس ومسلم في الأطعمة وأبو داود في الأشربة والنسائي في الزينة والوليمة وابن ماجة في الأشربة واللباس.
وبه قال:(حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس) هو ابن مالك الصحابيّ (عن أبي موسى الأشعري) -رضي الله عنه- أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن) ويعمل به ويداوم عليه (كمثل الأترجة) قال في القاموس:
الأترج والأترجة والترنجة والترنج معروف (ريحها طيب وطعمها طيب) ومنظرها حسن فاقع لونها تسر الناظرين (ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن) ويعمل به (كمثل التمرة)