للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الانشقاق. والقصار إلى آخره، كلها أقوال.

واستنبط من الحديث صحة اقتداء المفرض بالمتنفل لأن معاذًا كان فرضه الأولى والثانية نفل لزيادة في الحديث عند الشافعي، وعبد الرزاق، والدارقطني: هي له تطوع ولهم فريضة. وهو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.

وصرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه، فانتفت تهمة تدليسه، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة خلافًا للحنفية والمالكية.

واستنبط منه أيضًا تخفيف الصلاة مراعاة لحال المأمومين.

ورواة الحديث الأول أربعة، وهو مختصر، والظاهر أن قوله في الحديث الثاني: فصلّى العشاء إلى آخره، داخل تحت الطريق الأولى. وكان الحامل له على ذلك أنها لو دخلت على ذلك لما طابقت الترجمة ظاهرًا، لكن لقائل أن يقول: مراد البخاري بذلك الإشارة إلى أصل الحديث على عادته، واستفاد بالطريق الأولى علو الإسناد، كما أن في الطريق الثانية فائدة التصريح بسماع عمرو بن جابر، وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة.

٦١ - باب تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي الْقِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

(باب) حكم (تخفيف الإمام في القيام، وإتمام) أي مع إتمام (الركوع والسجود) وخص التخفيف بالقيام لأنه مظنة التطويل، فهو تفسير لقوله في الحديث، الآتي إن شاء الله تعالى، فليتجوز لأنه لا يأمر بالتجوّز المؤدي إلى إفساد الصلاة.

٧٠٢ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسًا قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مَسْعُودٍ: "أَنَّ رَجُلاً قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ".

وبالسند قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) نسبه لجده لشهرته به، وأبوه عبد الله (قال: حدّثنا زهير) بضم الزاي، ابن معاوية الجعفي، (قال: حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد (قال: سمعت قيسًا) هو ابن حازم (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو مسعود) عقبة بن عمرو البدري الأنصاري (أن رجلاً) لم يسمّ، وليس هو حزم بن أُبي بن كعب (قال: والله يا رسول الله، إني لأتأخر عن صلاة الغداة) لا أحضرها مع الجماعة (من أجل فلان، مما يطيل بنا) أي من تطويله. من أجل، من: ابتدائية متعلقة بأتأخر، والثانية مع ما في حيزها بدل منها، فما مصدرية. وخص الغداة بالذكر لتطويل القراءة فيها غالبًا (فما رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في موعظة) حال كونه (أشد غضبًا) بالنصب على التمييز (منه يومئذٍ) أي يوم أخبر بذلك، للتقصير في تعلم ما ينبغي تعلمه، أو لإرادة الاهتمام بما يلقيه عليه الصلاة والسلام لأصحابه، ليكونوا من سماعه على بال، لئلا يعود من فعل ذلك إلى مثله، (ثم قال) عليه

الصلاة والسلام: (إن منكم منفرين) بصيغة الجمع (فأيكم) أي: أي واحد منكم، (ما صلّى بالناس) بزيادة ما لتأكيد التعميم، وزيادتها مع أي الشرطية كثير، (فليتجوز) جواب الشرط، أي فليخفف، بحيث لا يخل بشيء من الواجبات (فإن فيهم الضعيف، والكبير، وذا الحاجة) تعليل للأمر المذكور، ومقتضاه أنه متى لم يكن فيهم من يتصف بصفة من المذكورات، أو كانوا محصورين ورضوا بالتطويل لم يضر التطويل لانتفاء العلة.

وقول ابن عبد البر إن العلة الموجبة للتخفيف عندي غير مأمونة، لأن الإمام وإن علم قوة من خلفه فإنه لا يدري ما يحدث بهم من حادث، شغل، وعارض من حاجة، وآفة من حديث بول أو غيره، تعقب بأن الاحتمال الذي لم يقم عليه دليل، لا يترتب عليه حكم، فإذا انحصر المأمومون ورضوا بالتطويل، لا يؤمر إمامهم بالتخفيف لعارض لا دليل عليه.

وحديث أبي قتادة أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: إني لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز كراهة أن أشق على أمه يدل على إرادته عليه الصلاة والسلام أولاً التطويل، فيدل على الجواز، وإنما تركه لدليل قام على تضرر بعض المأمومين، وهو بكاء الصبي الذي يشغل خاطر أمه.

ورواة هذا الحديث كلهم كوفيون، وفيه رواية تابعي عن تابعي، والتحديث والإخبار والسماع والقول.

٦٢ - باب إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ

هذا (باب) بالتنوين (إذا صلّى) المرء (لنفسه فليطول ما شاء) نعم اختلف في التطويل حتى يخرج الوقت.

٧٠٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ. وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ».

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إذا صلى أحدكم) إمامًا (للناس) فرضًا أو نفلاً تشرع الجماعة فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>