عباس هذه القصة.
٢ - باب قَوْلِهِ: {وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}
(باب قوله): {وتب} ولأبي ذر باب بالتنوين أي في قوله عز وجل: ({وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب}) [المسد: ٣] ما الأولى نافية أو استفهام إنكار وعلى الثاني تكون منصوبة المحل بما بعدها أي أي شيء أغنى المال وقدمت لأن لها صدر الكلام والثانية بمعنى الذي فالعائد محذوف أو مصدرية أي وكسبه.
٤٩٧٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ فَنَادَى: «يَا صَبَاحَاهْ». فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَقَالَ: «أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي»؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا تَبًّا لَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} إِلَى آخِرِهَا. قَوْلِهِ: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن سلام) السلمي مولاهم البيكندي قال: (أخبرنا أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء والزاي المعجمتين الضرير قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان (عن عمرو بن مرة) الجملي بفتح الجيم والميم (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج إلى البطحاء) مسيل وادي مكة (فصعد إلى الجبل) يعني الصفا ورقي عليه (فنادى):
(يا صباحاه. فاجتمعت إليه قريش فقال: أرأيتم) أي أخبروني (إن حدّثتكم أن العدوّ مصبحكم أو ممسيكم أكنتم تصدقوني)؟ ولأبي ذر: تصدقونني (قالوا: نعم. قال: فإني نذير) منذر (لكم بين يدي عذاب شديد) أي قدامه (فقال أبو لهب) عليه اللعنة: (ألهذا جمعتنا)؟ بهمزة الاستفهام الإنكاري (تبًّا لك) أي ألزمك الله تبًّا وزاد في سورة الشعراء سائر اليوم أي بقيته (فأنزل الله عز وجل: {تبت يدا أبي لهب} إلى آخرها) أي خسرت جملته وعادة العرب أن تعبر ببعض الشيء عن كله.
(قوله: {سيصلى}) ولأبي ذر باب بالتنوين أي في قوله تعالى: سيصلى ({نارًا ذات لهب}) أبي تلهب وتوقد.
٤٩٧٣ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}.
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثني) بالإفراد (عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه قال: (قال أبو لهب) لعنه الله لما صعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الصفا واجتمعوا إليه وقال: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد (تبًّا لك ألهذا) جمعتنا؟ فنزلت ({تبت يدا أبي لهب}) وزاد أبو ذر إلى آخرها قيل وخص اليد لأنه رمى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحجر فأدمى عقبه فلذا ذكرها وإن كان المراد جملة بدنه وذكره بكنيته دون اسمه عبد العزى لأنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب وافقت حاله كنيته فكان جديرًا أن يذكر بها.
٣ - باب {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ}
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حَمَّالَةُ الْحَطَبِ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ. {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} يُقَالُ: مِنْ مَسَدٍ لِيفِ الْمُقْلِ وَهْيَ السِّلْسِلَةُ الَّتِي فِي النَّارِ.
({وامرأته}) ولأبي ذر باب قوله تعالى: وامرأته أم جميل العوراء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان بن حرب ({حمالة الحطب}) الشوك والسعدان تلقيه في طريق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه لتعقرهم بذلك وهو قول ابن عباس.
(وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي (حمالة الحطب تمشي) إلى المشركين (بالنميمة) توقع بها بين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبينهم وتلقي العداوة بينهم وتوقد نارها كما توقد النار للحطب فكنى عن ذلك بحملها الحطب.
({في جيدها}) عنقها ({حبل من مسد} يقال من مسد ليف المقل) وذلك هو الحبل الذي كانت تحتطب به فبينما هي ذات يوم حاملة الحزمة أعيت فقعدت على حجر لتستريح أتاها ملك فجذبها من خلفها فأهلكها (و) قيل (هي السلسلة التي في النار) من حديد درعها سبعون ذراعًا تدخل في فمها وتخرج من دبرها ويكون سائرها في عنقها فتلت من جديد فتلًا محكمًا، وهذه الجملة حال من حمالة الحطب الذي هو نعت لامرأته أو خبر مبتدأ مقدّر.
[١١٢] قَوْلُهُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). يُقَالُ: لَا يُنَوَّنُ {أَحَدٌ} أَيْ وَاحِدٌ.
([١١٢] قَوْلُهُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ})
ولأبي ذر: سورة الصمد وهي مكية أو مدنية وآيها أربع أو خمس.
(بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر.
(يقال) هو قول أبي عبيدة في المجاز (لا ينوّن {أحد}) في الوصل فيقال أحد الله بحذف التنوين لالتقاء الساكنين ورويت قراءة عن زيد بن علي وأبان بن عثمان والحسن وأبي عمرو في رواية عنه كقوله:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف
وقوله:
فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلاّ قليلًا