للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المفروضة، أما على القول بأن المراد التطوّع فلا إشكال كما لا يخفى.

(وأما العباس بن عبد المطلب فعمّ رسول الله ) وللحموي والكشميهني: عم بغير فاء وفي وصفه بأنه عمه تنبيه على تفخيمه واستحقاق إكرامه، ودخول اللام على عباس مع كونه علمًا للمح الصفة (فهي) أي الصدقة المطلوبة منه (عليه صدقة) ثابتة سيتصدق بها (ومثلها معها) أي ويضيف إليها مثلها كرمًا منه فيكون النبي ألزمه بتضعيف صدقته ليكون ذلك أرفع لقدره وأنبه لذكره وأنفى للذب عنه، أو المعنى أن أمواله كالصدقة عليه لأنه استدان في مفاداة نفسه وعقيل فصار من

الغارمين الذين لا تلزمهم الزكاة. وهذا التأويل على تقدير ثبوت لفظة صدقة، واستبعدها البيهقي لأن العباس من بني هاشم فتحرم عليهم الصدقة. أي: وظاهر هذا الحديث أنها صدقة عليه ومثلها معها فكأنه أخذها منه وأعطاها له، وحمل غيره على أن ذلك كان قبل تحريم الصدقة على آله . وفي رواية مسلم من طريق ورقاء: وأما العباس فهي عليّ ومثلها ثم قال: يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه؟ فلم يقل فيه صدقة بل فيه دلالة على أنه التزم بإخراج ذلك عنه لقوله: فهي عليّ ويرجحه قوله: إن عم الرجل صنو أبيه أي مثله ففي هذه اللفظة إشعار بما ذكرنا فإن كون صنو الأب يناسب أن يحمل عنه أي هي عليّ إحسانًا إليه وبرًّا به هي عندي فرض لأني استلفت منه صدقة عامين. وقد ورد ذلك صريحًا في حديث عليّ عند الترمذي لكن في إسناده مقال، وفي حديث ابن عباس عند الدارقطني بإسناد فيه ضعف: بعث النبي--عمر ساعيًا فأتى العباس فأغلظ له فأخبر النبي فقال: إن العباس قد استلفنا زكاة ماله العام والعام المقبل.

وعن الحكم بن عقبة (تابعه) أي تابع شعيبًا (ابن أبي الزناد) عبد الرحمن (عن أبيه) أبي الزناد عبد الله بن ذكوان على ثبوت لفظ الصدقة وهذا وصله أحمد وغيره وذلك يرد على الخطابي حيث قال: إن لفظ الصدقة لم يتابع عليها شعيب بن أبي حمزة كما ترى، وكذا تابعه موسى بن عقبة فيما رواه النسائي.

(وقال ابن إسحاق): محمد إمام المغازي فيما وصله الدارقطني (عن أدب الزناد) عبد الله بن ذكوان (هي عليه ومثلها معها) من غير ذكر الصدقة.

(وقال ابن جريج): عبد الملك (حدثت) بضم الحاء مبنيًا للمفعول (عن الأعرج) عبد الرحمن (بمثله) ولأبي ذر، وابن عساكر: مثله رواية ابن إسحاق بدون لفظ الصدقة وهي أولى لأن العباس لا تحل له الصدقة كما مرّ، ورواية ابن جريج هذه وصلها عبد الرزاق في مصنفه لكنه خالف الناس في ابن جميل فجعل مكانه أبا جهم بن حذيفة.

٥٠ - باب الاِسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ

(باب الاستعفاف عن المسألة) في غير المصالح الدينية.

١٤٦٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ "أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ".

[الحديث ١٤٦٩ - طرفه في: ٦٤٧٠].

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عطاء بن يزيد الليثي) بالمثلثة ويزيد من الزيادة (عن أبي سعيد الخدري أن ناسًا من الأنصار). قال الحافظ ابن حجر: لم أعرف اسمهم لكن في حديث النسائي ما يدل على أن أبا سعيد المذكور منهم (سألوا رسول الله فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم) زاد أبو ذر: ثم سألوه فأعطاهم (حتى نفد) بكسر الفاء وبالدال المهملة أي فرغ وفني (ما عنده فقال):

(ما يكون عندي من خير) ما موصولة متضمنة معنى الشرط وجوابه (فلن أدخره عنكم) بتشديد الدال المهملة أي لن أجعله ذخيرة لغيركم أو لن أحبسه وأخبأه وأمنعكم إياه (ومن يستعفف) بفاءين، وللحموي والمستملي: ومن يستعف بفاء واحدة مشددة أي ومن طلب العفة عن السؤال (يعفه الله) بنصب الفاء أي يرزقه الله العفة أي الكف عن الحرام، ولأبي ذر: يعفه الله برفع الفاء (ومن يستغن) يظهر الغنى (يغنه الله ومن يتصبر) يعالج الصبر ويتكلفه على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا. قال في شرح المشكاة قوله يعفه الله يريد أن من طلب من نفسه العفة عن السؤال ولم يظهر الاستغناء يعفه الله أي يصيره عفيفًا ومن ترقى من هذه المرتبة إلى ما هو أعلى من

<<  <  ج: ص:  >  >>